الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا وضح طهارة المني بما ذكرنا فلا فرق بين مني الرجل ، ومني المرأة ، وحكى ابن القاص في كتاب " المفتاح " ، عن أبي العباس في مني المرأة قولين ، وحكى الكرابيسي ، عن الشافعي في القديم : نجاسة المني ، وكل هذا غلط ، أو وهم ليس يعرف عن الشافعي نص عليه ، ولا إشارة إليه ، بل صح بطهارة جميعه في القديم ، والجديد إلا إنا نستحب غسله إن كان رطبا ، وفركه إن كان يابسا للخبر .

فأما العلقة ففيها وجهان :

أحدهما : طاهرة وهو الصحيح ، وقد حكاه الربيع ، عن الشافعي ، عن المعنى الموجب لطهارة المني موجود فيها .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق : إنها نجسة : لأن الشيء قد يكون طاهرا ، ثم يستحيل نجسا ، ثم يعود طاهرا كالعصير إذا اشتد ، فصار خمرا ، ثم انقلب فصار خلا قال : وكذلك البيض إذا صار علقة ، وأما مني ما سوى الآدميين من الحيوانات الطاهرات ففيه ثلاثة أوجه :

[ ص: 254 ] أحدها : أن منيها طاهر ، لأنه يتولد من حيوان طاهر .

والوجه الثاني : أن منيها نجس ، لأنه لما كان نجسا إذا مات بعد حياته وجب أن يكون نجسا في حال موته قبل حياته ، لأن حكم الموات الأول ك ( حكم ) الموات الثاني ، قال الله تعالى : ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين [ غافر : 11 ] . ألا ترى ابن آدم لما كان طاهرا بعد موته حكم له بالطهارة قبل حياته .

والوجه الثاني : أن مني ما يؤكل لحمه طاهر ، ومني ما لا يؤكل لحمه نجس اعتبارا بلبنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية