الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ العمل بقول القوابل في النفقة ] .

مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أعطاها بقول القوابل أن بها حملا ثم علم أن لم يكن بها حمل أو أنفق عليها فجاوزت أربع سنين رجع عليها بما أخذت " .

قال الماوردي : إذا بانت منه بالخلع أو بالطلاق الثلاث وادعت الحمل فصدقها أو أنكر فشهد القوابل بحملها ودفع النفقة إليها ثم بان أن لا حمل بها أو وضعت ولدا لأكثر من أربع سنين لا يلحق به ، لم يخل حاله في النفقة من أمرين :

أحدهما : أن يكون بحكم حاكم فله أن يرجع بها : لأنه دفعها مجبرا ، وقد علم سقوطها فاستحق الرجوع بها : لأن حكم الحاكم كان بظاهر بان خلافه فبطل ، كما لو حكم باجتهاد خالف فيه نصا .

والثاني : أن يكون قد دفع النفقة إليها بغير حكم ، فإن قيل إن النفقة للحامل فتستحقه في الحال يوما بيوم رجع بما أنفق ، وإن صدق على الحمل لأن اليقين قد رفع حكم التصديق ، ويكون دفعها بغير حكم كدفعها على هذا القول بحكم : لأنه لو حوكم [ ص: 470 ] لأجبر ، وإن قيل : إن نفقة الحامل لا تستحق إلا بعد الوضع لم يخل حاله عند الدفع من أن يشترط فيها التعجيل أو لا يشترط ، فإن لم يشترط فيها التعجيل لم يرجع بها : لأنها منه تطوع ، وإن اشترط فيها التعجيل ، فعلى ضربين :

أحدهما : لو تضمنها الرجوع بها إن انفش حملها فله الرجوع اعتبارا بالشرط .

والثاني : أن لا يضمنها الرجوع بها ؛ ففي استرجاعها وجهان : أصحهما يرجع بها تغليبا لحكم ما اشترطه من التعجيل ، كما يسترجع تعجيل الزكاة عند تلف ماله إذا اشترطه .

والوجه الثاني : لا يرجع بها إذا اشترط التعجيل حتى يشترط التضمين معه لاحتمال التعجيل وإخلاله بالتضمين الذي هو أقوى ، ولو نكح امرأة نكاحا فاسدا وأنفق عليها ثم علم فساد نكاحه لم يرجع بما أنفق بخلاف ما قدمناه من نفقة الحامل . والفرق بينهما أنه في النكاح الفاسد أنفق في مقابلة الاستمتاع وقد حصل له ، وفي الحامل أنفق لأجل الولد ولم يحصل له .

التالي السابق


الخدمات العلمية