الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ القول في وجوب النفقة في الطلاق الرجعي ] .

مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان يملك الرجعة فلم تقر بثلاث حيض أو كان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا الأقصر لأن ذلك اليقين ، وأطرح الشك ( قال المزني ) رحمه الله : إذا حكم بأن العدة قائمة فكذلك النفقة في القياس لها بالعدة قائمة ولو جاز قطع النفقة بالشك في انقضاء العدة لجاز انقطاع الرجعة بالشك في انقضاء العدة "

قال الماوردي : أما الطلاق الرجعي فالنفقة في العدة فيه واجبة حاملا كانت أو غير حامل : لأن أحكام الزوجات عليها جارية واستمتاعه بها ممكن إذا أراد وإن أنفق عليها وادعت حملا ظهرت أماراته وجب لها النفقة مدة حملها وتتعجلها يوما بيوم قولا واحدا : لأنها تستحق النفقة في العدة مع وجود الحمل وعدمه فتعجلت لوقته ولم يوقف على الوضع ، ولها فيما بعد حالتان :

أحدهما : أن تنفش حملها ويظهر أنه كان ريحا وغلطا فتنقضي عدتها بثلاثة أقراء تستحق فيها نفقتها وترد ما زاد على ذلك ، ويرجع إلى قولها في مقدار الأقراء الثلاثة ، ولا يخلو حالها فيما تذكره من مدة أقرائها من سبعة أقسام :

أحدها : أن تكون عادتها في الحيض والطهر معروفة لا تختلف فتذكر قدر العادة [ ص: 471 ] من غير زيادة ولا نقصان فيقبل قولها ، فإن ادعى الزوج نقصان عادتها فله إحلافها : لأن النقصان ممكن .

والقسم الثاني : أن تكون عادتها متفقة لا تختلف فتذكر زيادة عادتها في الحيض والطهر فالقول قولها مع يمينها في زيادة العادة : لأنها ممكنة وهي مصدقة على نفسها .

والقسم الثالث : أن تكون عادتها متفقة لا تختلف فتذكر نقصان عادتها فالقول قولها ولا يمين عليها : لأن ذلك أضر بها ، وقد تقضي زمان الرجعة في زيادة العادة فلذلك لم يكن للزوج إحلافها .

والقسم الرابع : أن تكون عادتها مختلفة فتذكر أطول العادتين فالقول قولها وللزوج إحلافها .

والقسم الخامس : أن تكون عادتها مختلفة فتذكر أقصر العادتين فالقول قولها وليس للزوج إحلافها : لأن ذلك أضر بها ، وهذه الأقسام يردها الشافعي بقوله : لم أجعل لها إلا الأقصر : لأنه اليقين وأطرح للشك .

والقسم السادس : أن تكون عادتها مختلفة فتجهل انقضاء العدة هل كانت بأطول العادة أو بأقصرها ؛ فلا يدفع إليها إلا نفقة الأقصر : لأنه اليقين ، والأطول مشكوك فيه ، وهذا القسم داخل في مراد الشافعي بقوله : وكان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا الأقصر : لأنه اليقين وأطرح للشك ، يعني : أطول عادتها .

والقسم السابع : أن تجعل قدر عادتها في الطول والقصر ، فيدفع إليها نفقة أقل مدة تنقضي فيها ثلاثة أقراء ، وذلك اثنان وثلاثون يوما وساعتان وهو داخل في مراد الشافعي بقوله : " لم أجعل لها إلا الأقصر " يعني : أقصر ما يمكن فيدخل هذان القسمان في مراده بالأقصر ، وإن اختلف الأقصر فيهما فكان في السادس من أقصر عادتها وفي السابع أقصر ما يمكن .

التالي السابق


الخدمات العلمية