[ القول في  
نفقة الوالدين     ]  
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا لم يجز أن يضيع شيئا منه فكذلك هو من ابنه إذا كان الوالد زمنا لا يغني نفسه ولا عياله ، ولا حرفة له ، فينفق عليه ولده وولد ولده وإن سفلوا ؛ لأنهم ولد ، وحق الوالد على الولد أعظم " . قال  
الماوردي      : نفقة الوالد واجبة على ولده ، كما وجبت نفقة الولد على والده على ما سنوضحه من شروط الوجوب لقول الله - عز وجل - : (  
وصاحبهما في الدنيا معروفا     ) [ لقمان : 15 ] فكان من المعروف القيام بكفايتهما ، وقال - تعالى - : (  
ووصينا الإنسان بوالديه حسنا     ) [ العنكبوت : 8 ] ، ومن الإحسان إليهما النفقة عليهما ، وقال - تعالى - : (  
فلا تقل لهما أف     ) [ الإسراء : 23 ] ، مبالغة في برهما ، وقال - عز وجل - : (  
ما أغنى عنه ماله وما كسب     ) [ المسد : 2 ] ، يعني ولده ، وروى  
الأعمش   ، عن  
إبراهيم   ، عن  
عائشة     - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=994454إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، إن ولده من كسبه     " .  
وروي أنه قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=994455فكلوا من أطيب كسبكم     " .  
وروى  
حماد   ، عن  
إبراهيم   ، عن  
الأسود   ، عن  
عائشة     - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "  
إن أولادكم هبة من الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء ذكرانا ، وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها     " .  
وروى  
محمد بن المنكدر   ، عن  
جابر بن عبد الله   قال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=994457جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن لي مالا وعيالا ، ولأبي مال وعيال ، ويريد أن يأخذ مالي فقال - صلى الله عليه وسلم - : " أنت ومالك      [ ص: 487 ] لأبيك     " ؛ ولأن حق الوالد أعظم من حق الولد ؛ لأنه لا يقاد بقتله ، ولا يحد بقذفه ، فلما وجبت عليه نفقة ولده ، كان أولى أن تجب نفقته على ولده .  
فصل : فإذا تقرر وجوب نفقة الوالد على ولده فكذلك  
نفقة الجد وإن علا ونفقة الأم والجدات وإن علون     .  
وقال  
مالك      : لا يلزمه أن ينفق إلا على والده وحده ، ولا يلزمه أن ينفق على جده ولا على أمه ، كما لم يوجب نفقة الولد على جده ولا على أمه ، وهذا خطأ قطع به التواصل ، وخالف فيه الجمهور ، مع قوله - تعالى - : (  
فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما     ) [ الإسراء : 23 ] ، مبالغة في الحث على برهما .  
وروي  
nindex.php?page=hadith&LINKID=994458أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ! من أبر ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أباك حقا واجبا ورحما موصولا     . فوصاه بالأم ثلاثا ، ووصاه بالأب في الرابعة ، ولأن الأم لتفردها بثقل الحمل ، ومشاق الولادة ، وقيامها بالرضاعة والتربية - أوجب حقا من الأب ، وأظهر منه عجزا ، فكانت باستحقاق النفقة أحق ، وبالتوافر على برها ألزم ؛ ولأنه لما استوى طرف الأباء والأمهات والأجداد والجدات في عتقهم بالملك وسقوط القود عنهم بالقتل لوجود البعضية مساواة للأب وجب أن يكونوا في استحقاق النفقة كذلك - والله أعلم .