الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ القول في شروط وجوب نفقة الوالدين ]

فصل : فإذا ثبت أن على الولد نفقة والديه ومن علا من جهتهما من جد وجدة فيه بعضية وولادة ، فوجوبها معتبر بشروط في الوالدين وشروط في الولد .

فأما الشروط المعتبرة في الوالد فثلاثة : أحدها : الحرية . فإن كان عبدا وجبت نفقته على سيده ، وإن كان مكاتبا احتمل وجهين :

[ ص: 488 ] أحدهما : لا تجب نفقته على ولده كالعبد ؛ لأن أحكام الرق عليه جارية .

والثاني : تجب نفقته على ولده لسقوط نفقته بالكتابة عن سيده ، وإن كانت أمه أم ولد لم تجب عليه نفقتها لوجوبها على سيدها .

والشرط الثاني : الفقر فإن كان غنيا بمال ، أو مكتسبا ببدنه لم تجب نفقته على ولده ؛ لأنها مواساة تجب مع الحاجة ، وتسقط مع القدرة على الكفاية .

والشرط الثالث : أن يكون عاجزا عن الاكتساب ، إما بنقصان الخلقة كالزمانة ، أو بنقصان الأحكام كالجنون ليكون بعدم المال والعجز بالزمانة أو الجنون صادق الحاجة . فإن كان صحيح البدن غير مجنون ولا زمن ففي وجوب نفقته بالفقر وحده قولان أشار الشافعي إليهما في كلام محتمل :

أحدهما : تجب نفقته لحاجته .

والثاني : لا تجب نفقته لصحته ، واختلف أصحابنا في تخريج هذين القولين في نفقة الولد إذا كان فقيرا بالغا صحيح البدن والعقل على وجهين :

أحدهما : يكون على قولين كالأب .

والوجه الثاني : لا تجب قولا واحدا حتى يجتمع مع الفقر عجز بصغر أو جنون أو زمانة قولا واحدا ، وإن كان نفقة الأب بالفقر وحده على قولين ، والفرق بينهما أن قوة حرمة الأب على حرمة الولد لسقوط القود عن الأب ووجوبه على الولد ، فلقوة هذه الحرمة وجب إعفاف الوالد على ولده .

التالي السابق


الخدمات العلمية