الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والشرط الثاني : العقل الذي تصح به الولاية ، وتقوم معه بالكفالة ، فإن كان أحدهما مجنونا أو معتوها أو مخبولا فلا كفالة له لأنه قد صار مكفولا ، فلم يجز أن يكون كاملا ، فلو طرأ عليه بعد استحقاق الكفالة خرج منها ، فأما الذي يجن زمانا ، ويفيق زمانا ، فلا كفالة له : لأنه في زمان الجنون زائل الولاية وفي زمان الإفاقة مختل التدبير ، وربما طرأ جنونه على عقله لا يؤمن معه على الولد أن يقل جنونه في الأحيان النادرة ، ولا يؤثر في التمييز بعد زواله ، فلا يمنع من الكفالة .

وأما المرض ، فإن كان طارئا يرجى زواله لم يمنع من استحقاق الكفالة ، وإن كان ملازما كالفالج والسل المتطاول نظر فيه ، فإن أثر في عقله أو تشاغل بشدة ألمه فلا كفالة له لقصوره عن مراعاة الولد وتربيته ، وإن أثر في قصور حركته مع صحة عقله وقلة ألمه روعيت حاله : فإن كان ممن يباشر كفالته بنفسه سقط حقه منها ؛ لما يدخل على الولد من التقصير فيها ، وإن كان ممن يراعي بنفسه التدبير ، ويستنيب فيما تقتضيه المباشرة . كان على حقه من الكفالة وسواء كان أبا أو أما ، فلو أفاق المجنون وبرأ المريض عادا إلى حقهما من الكفالة .

[ ص: 503 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية