الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فلو صلى فوق قبر ، أو إلى جنبه ، ولم ينبش أجزأه " .

قال الماوردي : فأما الصلاة على المقبرة ، أو على قبر مكروهة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تجعل القبور محاريب ، فإن صلى فوق قبر لم يخل من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يتحقق نبشه فالصلاة عليه باطلة .

وقال داود بن علي : جائزة والدلالة عليه رواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة ، ولأن تراب المقبرة قد خالطته النجاسة إذا نبش رميم الميت ، فلو قيل : فالميت عندكم طاهر ، قيل : هو وإن كان طاهرا فما في جوفه ليس بطاهر .

والقسم الثاني : أن يتحقق أنه لم ينبش فالصلاة فيه جائزة .

وقال بعض أصحاب الحديث : باطلة لعموم النهي .

والدلالة عليه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر سكينة ، ولأنها بقعة طاهرة فجازت الصلاة عليها كسائر البقاع .

والقسم الثالث : " لا يعلم هل نبش أم لا ، والشك فيه محتمل ففي جواز الصلاة فيه وجهان :

أحدهما : غير جائزة ، وهو قول أبي إسحاق المروزي لعموم النهي ، ولأن الغالب منها النبش فكان الحكم له .

والثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : إن الصلاة عليه جائزة ما لم يعلم يقين نبشه : لأن الأصل طهارة المكان ، والنبش مشكوك فيه فلم يجز أن يعترض شك النجاسة على يقين الطهارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية