الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويمنعه الإمام أن يجعل على أمته خراجا إلا أن يكون في عمل واجب وكذلك العبد إذا لم يطق الكسب ؛ قال عثمان بن عفان رضي الله عنه في خطبته : " لا تكلفوا الصغير الكسب فيسرق ولا الأمة غير ذات الصنعة فتكسب بفرجها " .

قال الماوردي : وضع الخراج على العبد والأمة هو أن يخلف السيد بين عبده وكسبه على أن يدفع إلى سيده كل يوم قدرا معلوما ، ويكون له فاضل كسبه بنفقة على نفسه ويصنع به ما شاء ، ولا اعتراض للسيد عليه ؛ فهذا جائز ، وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 531 ] موالي أبي طيبة حين حجمه وقد ضربوا عليه خراجا أن يخففوا عنه خراجه ؛ دل على جوازه وهو من العقود الجائزة دون اللازمة ، وجوازه معتبر بشرطين :

أحدهما : أن يتراضيا به لأنه عقد معاوضة لا يصح من الإجبار .

والثاني : أن يكون العبد مكتسبا لقدر خراجه فما زاد ، فإن قصر كسبه عن خراجه لم يصح ؛ لقول عثمان رضي الله عنه في خطبته : " لا تكلف الصغير الكسب فيسرق ولا الأمة غير ذات الصنعة فتكتسب بفرجها " ، ويستوفي منه السيد خراجه . فإن عجز عنه جاز أن ينظر به وجاز له وللعبد أن يفسخ كل واحد منهما عقد المخارجة بسبب أو غير سبب ، فإن فسخه أحدهما وفي يد العبد فاضل من كسبه كان ملكا لسيده ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية