مسألة : قال  
الشافعي      :  
ويجرحون بالجرح الواحد إذا كان جرحهم إياه معا لا يتجزأ     .   
[ ص: 32 ] قال  
الماوردي      : وهذا كما قال : إذا اشترك الجماعة في جرح أو قطع طرف اقتص من جميعهم وقال  
أبو حنيفة   والثوري      : لا قصاص عليهم إذا اشتركوا في الأطراف ، وإن وجب عليهم القصاص إذا اشتركوا في النفس استدلالا بما قدم ذكره من أن التساوي معتبر في الأطراف دون النفس : لأن اليد السليمة لا تؤخذ بالشلاء ، وتقتل النفس السليمة بالنفس السقيمة ودليلنا ما  روي أن رجلين شهدا عند  
علي بن أبي طالب   ، رضوان الله عليه ، على رجل بالسرقة فقطع يده ثم عادا ، ومعهما آخر ، فقالا : أخطأنا في الشهادة على الأول وهذا هو السارق فرد شهادتهما ، ولم يقطع الثاني وقال : لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما .  
فدل على جواز  
قطع اليدين باليد الواحدة  ، ولأن كل جناية لو انفرد بها الواحد أقيد ، وجب إذا اشترك فيها الجماعة أن يقادوا ، كالجناية على النفوس ، ولأنه قود يستحق في النفس فوجب أن يستحق في الطرف كالواحد ، ولأن حرمة النفس أغلظ من حرمة الطرف فلما أقيدت النفوس بنفس ، فأولى أن تقاد الأطراف بطرف ، وقد أجبنا عن استدلالهم بأن التساوي معتبر في الأطراف دون النفوس بأنهما سواء عندنا في اعتبار التساوي فيهما على ما بيناه .  
فصل :  
فإذا ثبت قطع الأطراف بطرف فاعتبار الاشتراك فيه أن يجتمعوا على أخذ السيف بأيديهم كلهم  ، ويعتمدوا جميعا في حال واحدة على قطع اليد فحينئذ يصيروا شركاء في قطعها ، فتقطع أيديهم بها .  
فأما إذا انفرد كل واحد منهم بقطع موضع منها حتى بانت ، إما في موضع منها أو في مواضع ، أو يقطع أحدهما من باطن اليد والآخر من ظاهرها حتى يلتقي القطعان فتبين اليد وتسقط فليس هذا اشتراكا في الفعل الواحد فلم يجب على الواحد منهم قود ، وأخذ بأرش جنايته .  
فأما اشتراكهم في جرح موضحة  فإن اجتمعوا على سيف واحد أوضحوه به في حالة واحدة ، وجب على كل واحد منهم القصاص في مثل تلك الموضحة ، وإن عفا عن القصاص كان على جماعتهم دية موضحة واحدة ، وإن تفرد كل واحد منهم بأن أوضح منها موضعا حتى اتسع اقتص من كل واحد منهم مثل ما أوضح ، لأن القصاص يجب في صغير الموضحة كما يجب في كبيرها فإن عفا عن القصاص كان على كل واحد منهم دية موضحة لأن دية الموضحة إذا صغرت كديتها إذا كبرت .