الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا أرسل عليه سبعا فافترسه فهذا على ضربين :

أحدهما : أن لا يقدر على الخلاص منه لقصور خطوته عن وثبة السبع ، فعليه القود لأنه بمثابة من أرسل سهما قاتلا .

والضرب الثاني : أن يقدر على الخلاص منه ، إما بسرعة العدو وإما بالدخول إلى بيت ، أو بالصعود إلى شجرة فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون مضعوف القلب ، إما بصغر أو بله يدهش في مثل ذلك عن توقيه ، فالقود فيه واجب ، لأنه عاجز عن الخلاص ، وإن قدر عليه غيره .

والضرب الثاني : أن يكون ثابت النفس قوي القلب يقدر على الخلاص ، فلم يفعل حتى افترسه فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يقف السبع بقدر إرساله زمانا ، ثم يسترسل فلا قود ولا دية ، لأن حكم إرساله قد انقطع بوقوفه فصار هو المسترسل بنفسه .

والضرب الثاني : أن يسترسل عليه مع إرساله من غير توقف ، فلا قود لقدرته على الخلاص وفي وجوب الدية وجهان تخريجا من القولين المتقدمين :

أحدهما : لا يجب : لأن قدرته على الخلاص تقطع حكم الإرسال .

والوجه الثاني : تجب عليه الدية لاتصال التلف بالإرسال .

فأما إذا كتفه وألقاه في أرض مسبعة ، فافترسه السبع فلا قود عليه ولا دية ، ويكون كالممسك والذابح ، لا يجب على الممسك قود كذلك هاهنا ، وإذا وجب عليه القود بإرسال السبع عليه فهو معتبر بتوجيه السبع له ، فأما إن جرحه السبع فمات من جراحته لم يخل جراحته من ثلاثة أقسام :

[ ص: 44 ] أحدهما : أن يقتل مثلها في الغالب فعليه القود .

والثاني : أن لا يقتل مثلها في الغالب فلا قود عليه ولا دية .

والثالث : أن يقتل مثلها ولا يقتل ، فعليه الدية دون القود .

فأما إذا ألقى عليه حية فنهشته فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يلقيها بين يديه فلا ضمان عليه بخلاف السبع لا يضر أو الحية تهرب .

والضرب الثاني : أن يلقيها على جسده ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون نهشها موجبا مثل حيات الطائف ، وأفاعي مكة ، وثعابين مصر وعقارب نصيبين فعليه القود .

والضرب الثاني : أن تكون غير موجبة قد يسلم الناس منها كحيات الدود والماء ، ففيه قولان :

أحدهما : عليه القود اعتبارا لجنس القاتل .

والقول الثاني : لا قود ، عليه الدية ، لإمكان السلامة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية