الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الثالث أن يكون الآمر بالقتل مساويا للمأمور لا يفضل عليه بقدرة ولا يد ، فالإكراه من مثله معدوم ، والمأمور هو المنفرد بالقتل دون الآمر ، والآمر أضعف حالا من الممسك ، فلا يجب عليه قود ولا دية ولا كفارة ، لكن يكون [ ص: 78 ] آثما بالرضا والمشورة ، وعلى المأمور القود أو الدية ، ويختص بالتزامها مع الكفارة .

فإن غر الآمر المأمور وقال : اقتل هذا فإنه حربي أو مرتد فقتله وكان مسلما فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون في دار الإسلام فالقود على المأمور واجب ، ولا قود على الآمر ، فإن عفا عن القود وجب عليه الدية ، ولا يرجع بها على الآمر ، لأن الظاهر من دار الإسلام إسلام أهلها ، فضعف غرور الآمر فيها .

والضرب الثاني : أن يكون ذلك في دار الحرب فلا قود على المأمور ولا على الآمر ، وتجب على المأمور الدية كالخاطئ ، لأن الظاهر من دار الحرب كفر أهلها . فإذا غرم المأمور الدية ففي رجوعه بها على الآمر الغار وجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن غر رجلا في النكاح على أن المنكوحة حرة فبانت أمة ، هل يرجع عليه بما غرمه من صداقها فيها قولان ، كذلك هاهنا يتخرج فيه وجهان والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية