الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من القولين ، فإن قيل بالأول إنه لا ضمان على الوكيل من قود ولا عقل فقتل الوكيل للجاني يكون قودا ويكون عفو الموكل باطلا . واختلف أصحابنا على هذا القول في الوكيل هل تلزمه الكفارة أم لا : على وجهين :

أحدهما : لا كفارة عليه ، لأنه قد أجرى على قتله حكم استيفائه قودا .

والوجه الثاني : عليه الكفارة كمن رمى دار الحرب فقتل مسلما ضمنه وكفر عنه .

وإن قيل بالقول الثاني إن الوكيل ضامن للدية ، فعفو الموكل صحيح وحقه في الدية إذا استوجبها على ما مضى من التفصيل مستحق على الجاني قاتل أبيه يرجع بها في ماله ولا يرجع بها على وكيله ، ويرجع أولياء القاتل المقتول بديته على الوكيل ، وهل تكون حالة في مال الوكيل أو مؤجلة على عاقلته ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق : تكون حالة في ماله مع الكفارة ، لأنه عامد في فعله وإنما سقط القود فيه بشبهته .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة تكون مؤجلة على عاقلته والكفارة في ماله ، لأنه قتله معتقدا لاستباحة قتله فصادف الحظر : فصار خاطئا فإذا أغرم الوكيل الدية ففي رجوعه على موكله بها قولان ، كالزوج المغرور إذا أغرم مهر المثل بالغرور هل يرجع به على الغارم أم لا ؟ على قولين ، لأن الموكل قد صار بعفوه غارا [ ص: 115 ] للوكيل حين لم يعلمه بعفوه ، وسواء كان هذا الوكيل مستعملا أو متطوعا ، وهكذا الحكم في الأطراف إذا اقتص منها الوكيل بعد العفو .

التالي السابق


الخدمات العلمية