الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ولو ابتدأ الجاني فقتل رجلا ، ثم قطع يد آخر اقتص من يده بالقطع ، ثم من نفسه بالقتل ويقدم القطع وإن تأخر عن القتل وإن تقدم ، بخلاف القتيلين في تقديم الأسبق فالأسبق ، لأنه لا يمكن استيفاء القود في القتيلين ، فقدم أسبقهما ، ويمكن استيفاء القود في اليد والنفس فربما على الوجه الذي يمكن استيفاؤهما .

ولو قدم القتل سقط القطع ، وإذا قدم القطع لم يسقط القتل ، فلذلك قدم القطع وإن تأخر على القتل وإن تقدم ، ولكن مثال القتلين من الأطراف أن يقطع طرفين متماثلين من اثنين مثل أن تقطع من رجل يمنى يديه ، ومن آخر يمنى يديه فلا يمكن استيفاء القصاص من اليد الواحدة ، فيقدم الاقتصاص منها لأسبقهما كالقتلين لتعذر القصاص ، فإن عفا الأول اقتص منها للثاني .

[ ص: 123 ] فإن قيل فالمقتول كان كامل الأطراف ، فوجب أن يقتص له من نفس كاملة الأطراف .

قيل : كمال النفوس لا يعتبر بكمال الأطراف ، لأن القاتل لو كان كامل الأطراف والمقتول ناقص الأطراف قتل به مع كمال أطرافه ولو كان القاتل ناقص الأطراف والمقتول كامل الأطراف قتل به ولا شيء له في زيادة أطرافه : لأن دية النفس وإن نقصت أطرافها كدية النفس وإن كملت أطرافها .

التالي السابق


الخدمات العلمية