الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا ابتدأ الجاني فقطع إصبع رجل من يده اليمنى ، وقطع من آخر يده اليمنى قدم القصاص في الإصبع لتقدم استحقاقه ، فإن اقتص صاحب الأصبع منها اقتص بعده لصاحب اليد وقد اقتص من يد نقصت إصبعا بيده الكاملة فيرجع بعد القصاص على الجاني بدية إصبع وهي عشر الدية ، وهذا بخلاف ما قدمناه من القصاص في النفس إذا نقصت أطرافها ، لأن الكمال معتبر في تكافؤ الأطراف ، وغير معتبر في تكافؤ النفوس ، لأن دية الأطراف مساوية لدية النفس الكاملة الأطراف ، فلو عفا صاحب الإصبع عن القصاص كان له ديتها وقطع لصاحب اليد ، ولا شيء له سواه ، لأنه قد استوفى القصاص في يد كاملة بيده الكاملة ، ولو ترتب القطعان بالضد ، فبدأ الجاني فقطع من رجل يده اليمنى ثم من آخر إصبعا من يده اليمنى قدم القصاص لصاحب اليد على القصاص لصاحب الإصبع ، لتقدم قطع اليد على قطع الإصبع اعتبارا بالأسبق .

فإن قيل فهلا قدمتم القصاص في الإصبع ، وإن تأخرت على القصاص في اليد ليستوفي به الحقان كما قدمتم القصاص في اليد ، وإن تأخر على القصاص في النفس لاستيفاء الحقين .

قيل : لما قدمناه من اعتبار الكمال في تكافؤ الأطراف وسقوط اعتباره في تكافؤ النفوس ، وقد استحق صاحب اليد بكمال يده الاقتصاص من يد كاملة ، فلم يجز أن يقتص له من يد ناقصة مع إمكان الاقتصاص منهما وهي كاملة ، وإذا كان كذلك واقتص صاحب اليد سقط القصاص لصاحب الإصبع ورجع بديتها ، وإن عفا صاحب اليد عن القصاص رجع بديتها واقتص لصاحب الإصبع ، وهكذا قطع الأنملة من رجل وقطع تلك الإصبع من آخر يكون على قياس الإصبع مع الكف .

التالي السابق


الخدمات العلمية