الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا قطع رجل يد رجل فاقتص المجني عليه من الجاني ثم سرى القطعان إلى النفس ، فمات المجني عليه ومات الجاني ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يتقدم موت المجني عليه على موت الجاني ، فيجزي قطع القصاص وسرايته عن قطع الجاني وسرايته ، لأنه لما قامت السراية في الجناية مقام المباشرة وجب أن تقوم السراية في القصاص مقام المباشرة ، ولأن المستحق على الجاني أخذ نفسه وقد أخذها ولي المجني عليه بسراية قوده ، هذا ما قاله أصحابنا وعندي فيه نظر ، لأن سراية المجني عليه غير مضمونة ، فلم يجز أن يستوفي بها سراية الجاني وهي [ ص: 127 ] مضمونة .

والضرب الثاني : أن يكون موت الجاني قبل موت المجني عليه ، ففيه وجهان :

أحدهما : لا يجزي ما تقدم من سراية القصاص في القود عما حدث بعده من سراية الجناية ، لأن تقديم القصاص من قبل استحقاقه لا يجزي بعد استحقاقه ، لأنه يصير سلفا ، والسلف في القصاص لا يجوز ، فعلى هذا يؤخذ من تركة الجاني نصف الدية .

والوجه الثاني : أنه تجزي سراية القصاص وإن تقدمت عما وجب بالسراية عن الجناية وإن تأخرت ، لأن كل واحدة من السرايتين تابعة لأصلها ، وقطع القصاص متأخر ، فجرى على ما تقدم من سرايته حكم المتأخر والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية