الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وإذا تشاح الولاة قيل لهم لا يقتله إلا واحد منكم فإن سلمتم لواحد أو لأجنبي جاز قتله وإن تشاححتم أقرعنا بينكم فأيكم خرجت قرعته خليناه وقتله ويضرب بأصرم سيف وأشد ضرب .

قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة وهي تشتمل على فصلين :

أحدهما : صفة القصاص وقد استوفيناه ، وذكرنا أنه إن كان في طرف استوفاه الإمام ، وإن كان في نفس استوفاه الأولياء .

والفصل الثاني : في مستحقه من الأولياء وهو معتبر بأحوالهم ، وهم ثلاثة أصناف :

أحدهم : أن لا يكونوا من أهل القصاص وقد بيناهم .

والثاني : أن يكونوا من أهل القصاص وقد بيناهم .

والثالث : أن يكون بعضهم من أهله وبعضهم من غير أهله فإن كانوا جميعا من غير أهله كانوا إذا جاز أمرهم بالخيار بين أن يوكلوا من يختارونه من أهل القصاص ، وبين أن يفوضوه إلى الإمام ليستنيب لهم من يختاره ، وإن كان بعضهم من أهله وبعضهم من غير أهله خرج منهم من كان من غير أهله ، وبقي أهله هم المباشرون له [ ص: 138 ] ويكون التنازع فيه مقصورا عليهم ، فإن قال من ليس من أهله أنا أدخل في التنازع لأستنيب من يباشره احتمل وجهين :

أحدهما : له ذلك لمشاركته لهم في الاستحقاق .

والثاني : ليس له ذلك ، لأنه موضوع للتشفي ، فكان مباشرة المستحق له أولى من مباشرة النائب عن مستحقه ، وإن كانوا جميعا من أهله لم يجز أن يشتركوا في استيفائه ، لأنه قتل واحد لم يقتص منه إلا واحد وتولاه أحدهم ، فإن فوضوه إلى واحد منهم كان أحقهم باستيفائه ، والأولى أن يختاروا أشدهم وأقواهم وأدينهم ، فإن عدلوا عنه إلى أدونهم جاز ، وإن تنازعوا فيه وتشاجروا عليه أقرع بينهم ، فإذا خرجت القرعة لأحدهم صار أحقهم باستيفائه ، لكن لا يجوز أن يستوفي القصاص بعد خروج قرعته إلا عن إذن من جميعهم ، لأن الإقراع بينهم لا يكون إذنا منهم في الاستيفاء ، وإنما يتعين به مباشرة الاستيفاء ، ويكون الاستيفاء موقوفا على اتفاقهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية