الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 178 ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو كان للقاطع ست أصابع لم تقطع لزيادة الإصبع .

قال الماوردي : لأن القصاص أن يؤخذ من الجاني مثل ما أخذ من غير زيادة ، فإذا كان للقاطع ست أصابع وللمقطوع خمس لم يجز أن تؤخذ ست بخمس .

فإن قيل : إذا جاز إذا اشترك رجلان في قطع يد أن يقطعوا يدين بيد فهلا جاز أن يأخذوا ست أصابع بخمس ؟

قلنا : لأن يد كل واحد منهما مماثلة ليد المقطوع فقطعناها وليست يده مماثلة لليد الزائدة فلم يقطعها ، وإذا كان كذلك نظر في السادسة الزائدة فإن كانت تحت الكف في طرف الذراع وأصل الزند اقتص من كف القاطع ، لبقاء الزائدة بعد أخذ الكف ، وإن كانت الزائدة في الكف مع أصابعها لم يخل حالها من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تكون ثابتة في الكف ، فيقتص من أصابع القاطع الخمس وتستبقى الزائدة على كفه ، وهل تؤخذ منه حكومة كفه المستبقاة : فعلى وجهين :

أحدهما : وهو منصوص الشافعي : يؤخذ حكومة كفه لبقائها بعد استحقاق القود فيها ، ولا يبلغ بها دية إصبع ، لأنها تبع للأصابع .

والوجه الثاني : لا تؤخذ منه حكومة كفه فتكون تبعا للاقتصاص من أصابعه كما تكون تبعا لها لو أخذت ديتها .

والقسم الثاني : أن تكون الإصبع الزائدة ملتصقة بإحدى أصابعه الخمس فيسقط القصاص في الإصبع الزائدة مع الملتصقة بها ، ولا يقتص منها لدخول الضرر على الزائدة ، ويقتص من أربع أصابع القاطع ، وتؤخذ منه دية إصبع وهي المستبقاة له مع الزائدة وتدخل حكومة ما تحتها من الكف في ديتها ، وفي دخول حكومة باقي كفه في الاقتصاص من أصابعه ما ذكرناه من الوجهين :

والقسم الثالث : أن تكون الإصبع الزائدة ثابتة على إحدى أنامل إصبع فيقتص من أصابع القاطع الأربع ، فأما الإصبع التي تثبت الزائدة في أناملها فلا يخلو حال الزائدة عليها من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تكون ثابتة منها في الأنملة العليا ، فلا قصاص عليه في شيء منها ، وتؤخذ منه دية الإصبع ، ولو بذلها قصاصا لم يجز أن يقتص منها .

والقسم الثاني : أن تكون الزائدة ثابتة على الأنملة الوسطى ، فيقتص من أنملته [ ص: 179 ] العليا ، ويؤخذ منه دية ثلثي إصبع ستة أبعرة وثلثين لبقاء الأنملة الوسطى والأنملة السفلى .

والقسم الثالث : أن تكون الزائدة ثابتة في الأنملة السفلى ، فيقتص من أنملته العليا والوسطى ، ويؤخذ منه ثلث دية إصبع ، لبقاء الأنملة السفلى ، وهو ثلاثة أبعرة وثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية