الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي اللسان الدية .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لرواية عمرو بن حزم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه إلى اليمن : في اللسان الدية ولأنه قول أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ولا مخالف لهم ، ولأنه عضو من تمام الخلقة فيه جمال ومنفعة يألم بقطعه ، وربما سرى إلى نفسه فوجب أن تكمل فيه الدية كسائر الأعضاء ، فأما جمال اللسان فقد روى ابن عباس أنه قال : يا رسول الله فيم الجمال ؟ قال : في اللسان .

وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المرء مخبوء تحت لسانه .

[ ص: 263 ] وأما منفعة اللسان فالمعتمد منها ثلاثة أشياء :

أحدها : الكلام الذي يعبر به عما في نفسه ويتوصل به إلى إرادته ولأهل التأويل في قوله تعالى : خلق الإنسان علمه البيان [ الرحمن : 3 ، 4 ] تأويلان .

أحدهما : الخط .

والثاني : الكلام .

والثاني من منافع اللسان : حاسة ذوقه الذي يدرك به ملاذ طعامه وشرابه ، ويعرف به فرق ما بين الحلو والحامض ، والمر والعذب .

والثالث : الاعتماد عليه في أكل الطعام ومضغه وإدارته في لهواته حتى يستكمل طحنه في الأضراس ويدفع بقاياه من الأشداق .

وهذه الثلاثة من أجل المنافع التي لا يتوصل بغير اللسان إليها ، فكان من أجل الأعضاء نفعا ، فإذا ثبت أن في اللسان الدية ففيه الدية كاملة إذا كان ناطقا سليما ، ولا فرق بين لسان الصغير والكبير ، والمتكلم بالعربية والأعجمية ، والفصيح والألكن ، والثقيل والعجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية