الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 270 ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي السن خمس من الإبل إذا كان قد أثغر .

قال الماوردي : في كل سن من أسنان المثغور خمس من الإبل ، لرواية عمرو بن حزم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في كتابه إلى اليمن : وفي السن خمس من الإبل وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وفي الأسنان خمس خمس فإذا ثبت هذا النص في وجوب خمس من الإبل في كل سن ، فإنما هي من أسنان المثغور التي لا تعود في الأغلب بعد القلع ، وسواء كانت صغارا أو كبارا ، طوالا أو قصارا ، كما تساوى ديات الأطراف مع الصغر والكبر ، والطول والقصر ، وسواء كانت بيضاء ملاحا أو سوداء قباحا كان ذلك من أصل الخلقة أو طارئا عليها ، باقية المنافع ، لأن القلع قد أبطل منافعها وكانت كاملة وازداد محلها بالقلع قبحا فصار مذهبا لنفعها وجمالها ، فلذلك كمل ديتها ، فإن قلعها من أصلها مع سنخها الداخل في لحم اللثة الممسك لها بمرابط العصب ففيها ديتها خمس من الإبل ، ولا يلزمه في قلعها مع سنخها المغيب حكومة زائدة ، لأن السنخ تابع لما ظهر كتبع الكف للأصابع ، وإن قلع ما ظهر من السن وخرج عن لحم اللثة وبقي السنخ المغيب جرى مجرى قطع الأصابع من الكف ، فإن عاد أو غيره فقلع السنخ المغيب ففيه حكومة ، كما لو عاد بعد قطع الأصابع فقطع الكف لزمه حكومة ، ولو كسر بعض سنه لزمه من الدية بقسطه وهو مقدر من الظاهر البارز عن لحم اللثة دون السنخ المغيب فيها ، لأن الدية تكمل بقلع ما ظهر فكان الكسر معتبرا بالظاهر دون الباطن ، فلو تقلص عمود اللثة حتى ظهر من السنخ المغيب في اللثة ما لم يكن ظاهرا كان المكسور من السن معتبرا بما كان بارزا منها قلوص العمور عنها ، ولا يعتبر بما ظهر بعده قلوصه وإذا كان كذلك واعتبر المكسور منها فإن كان النصف لزمه نصف ديتها ، وإن كان أقل أو أكثر فبحساب من ديتها ، وسواء كان المكسور من طولها أو عرضها ، فلو قلع آخر بقيتها مع سنخها بعد أن كسر الأول نصف ظاهرها لزم الثاني نصف ديتها ، لأنه قلع نصفها الباقي ، وهل تلزمه حكومة بقلع سنخها المعيب أم لا ؟ على ثلاثة أوجه :

أحدها : لا يلزمه حكومة في السنخ ، لأنه تبع للمضمون بالمقدر كما لا حكومة فيه إذا قلع مع جميع السن .

والوجه الثاني : وهو المنصوص من مذهب الشافعي أن عليه فيه حكومة ، لأن السنخ تابع لجميع السن فصار أكثر من التابع لنصفه فلزمته لهذه الزيادة حكومة .

والوجه الثالث : وهو قول أبي حامد الإسفراييني أن الأول إن كان قد كسر نصفه عوضا لزم الثاني في سنخه حكومة ، لزيادته على سنخ ما قلعه ، وإن كان الأول قد [ ص: 271 ] كسره طولا لم يلزم الثاني حكومة في السنخ ، لأنه سنخ للبقية التي قلعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية