الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والقسم الثالث : أن يكون باطشا بهما جميعا فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون بطشه بإحداهما أكثر من الأخرى ، فأكثرهما بطشا هي الأصل يجب فيها القود أو كمال الدية وأقلهما بطشا هي الزائدة لا قود فيها وفيها حكومة ، كما يستدل في إشكال الخنثى بقوة بوله .

والضرب الثاني : أن يستوي بطشه بهما فيسقط الاستدلال بالبطش لتكافئه ويعدل إلى غيره ، كما إذا سقط الاستدلال في الخنثى بالبول عند التساوي عدل إلى غيره من الأمارات ، وإذا كان كذلك لم يخل حالهما من أن يستويا في القدر أو يختلفا ، فإن اختلفا فكانت إحدى الكفين أكبر من الأخرى فالكبيرة هي الأصل تكمل فيها الدية ، والصغيرة هي الزائدة يجب فيها حكومة ، فإن استويا في القدر ولم تزد إحداهما على الأخرى فعلى ضربين :

أحدهما : أن تكون إحدى الكفين في استواء الذراع والأخرى عادلة عنه ، فتكون التي في استواء الذراع هي الأصل تكمل فيها الدية والخارجة عن استوائه زائدة يجب فيها حكومة .

والضرب الثاني : أن يستويا في مخرج الذراع ، فإن كانت إحداهما كاملة الأصابع والأخرى ناقصة فذات الكمال هي الأصل وذات النقص هي الزائدة ، ولو كانت إحداهما كاملة الأصابع والأخرى زائدة الأصابع لم يكن في الزيادة مع الكمال دليل ، وإن كان في الكمال مع النقصان دليل : لأن الزيادة نقص فلم يستدل بها على أصل ، فإذا عدمت الأمارات الدالة على تميز الأصل من الزيادة واعتدلت في الكفين معا فهما يدان زائدتان إن قطعهما قاطع كان عليه القود وحكومة في الزيادة ، وإن قطع إحداهما فلا قود عليه لعدم المماثلة ، وعليه نصف دية يد وزيادة حكومة ، لأنها نصف يد زائدة ، [ ص: 284 ] فإن قطع إصبعا من إحداهما فعليه نصف دية إصبع وزيادة حكومة ، لأنها نصف إصبع زائدة ، وإن قطع أنملة إصبع من إحداهما فعليه نصف دية أنملة وزيادة حكومة ، لأنها نصف أنملة زائدة ، فأما القود في ذلك فيسقط إلا أن يقطع إصبعين متماثلين من الكفين قبل أن يقطع إبهام كل واحدة من الكفين فيقتص من إبهامه ويؤخذ منه حكومة في الزيادة ، كما يقتص من كفه إذا قطع الكفين وتؤخذ منه حكومة في الزيادة ، ولو قطع من إحداهما إبهاما ومن الأخرى خنصرا فلا قود عليه في الإبهام ولا في الخنصر ، لنقص كل واحد منهما ، ويؤخذ منه دية إصبع وزيادة حكومة ، لأنها إصبع زائدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية