الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا صح ما ذكرنا وثبتت حياته بعد انفصاله باستهلال أو حركة ثم مات لا يخلو حال موته من أحد أمرين :

إما أن يكون عقيب سقوطه ، أو متأخرا عنه ، فإن مات عقيب سقوطه فالظاهر من موته أنه كان من ضرب أمه ، لأنه لما تعلق بالضرب حكم إسقاطه تعلق به حكم موته إلا أن تحدث عليه بعد سقوطه جناية فيصير موته منسوبا إلى الجناية الحادثة دون الضرب المتقدم ، مثل أن تنقلب عليه أمه بعد إلقائه فيصير موته بانقلاب أمه عليه فتجب ديته عليها تتحملها عاقلتها إن لم تعمد ذلك ، ولا ترثه ، لأنها صارت قاتلة ، وعليها الكفارة ، ولو عصرته برحمها عند خروجه ثم مات بعد انفصاله لم تضمنه وكانت ديته على الضارب ، لأن عصرة الرحم قل ما يخلو منها مولود ووالدة .

ولو جرحه جارح بعد سقوطه كانت ديته على جارحه دون ضارب أمه .

فإن قيل : فهلا كان كالجارحين بضمانه معا ؟

[ ص: 401 ] قيل : لأن جناية الضارب سبب وجناية الجارح مباشرة واجتماعهما يوجب تعليق الحكم بالمباشرة دون السبب ، فلو اختلف ضارب الأم ووارث الجنين في موته بعد سقوطه فادعى الوارث موته بالضرب المتقدم وادعى الضارب موته بجناية حدثت فالقول قول الوارث مع يمينه ، والضارب ضامن لديته ، لأننا على يقين من ضربه وفي شك من جناية غيره ، فلو أقام الضارب البينة أنه مات بجناية غيره برئ من ديته بالبينة ولم يحكم بها على الجاني ، لأن الوارث مبرئ للجاني ومكذب للبينة بمطالبة الضارب ، فهذا حكمه إذا مات عقيب سقوطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية