الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " أو صفين في حرب " .

قال الماوردي : وهذا نوع رابع من اللوث ، أن يوجد القتيل بين صفي حرب فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون قتله قبل التحام الحرب واختلاط الصفوف . فينظر في مصرعه ، فله ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يناله سلاح أصحابه ولا يناله سلاح أضداده ، فيكون اللوث مع أصحابه به دون أضداده .

والحالة الثانية : أن يناله سلاح أضداده ولا يناله سلاح أصحابه ، فيكون اللوث مع أضداده .

والحالة الثالثة : أن يناله سلاح أصحابه وسلاح أضداده ، ففيه لأصحابنا وجهان :

أحدهما : - وهو قول البغداديين - أن يكون لوثا مع أضداده : لاختصاصهم بعداوته دون أصحابه المختصين بنصرته .

الوجه الثاني : وهو قول البصريين ، أن يكون لوثا مع الفريقين من أصحابه وأضداده : لأن عداوة أضداده عامة ، وقد يكون في أصحابه من عداوة خاصة ، كالمحكي من قتل مروان بن الحكم لطلحة بن عبيد الله في وقعة الجمل .

قيل : إنه رماه بسهم فقتله وكان من أصحابه ؛ ولأنه ربما أراد قتل غيره فأخطأه إليه ، فصار قتله من الفريقين محتملا .

والضرب الثاني : أن يكون قتله بعد التحام الحرب واختلاط الصفوف ، فهذا على ثلاثة أقسام :

أحدهما : أن يكون أصحابه منهزمين وأضداده طالبين ، فيكون لوثا مع أضداده دون أصحابه : لأن المنهزم يخاف والطالب منتقم .

[ ص: 11 ] والقسم الثاني : أن يكون أصحابه طالبين وأضداده منهزمين ، فيكون لوثا مع أصحابه دون أضداده : لما ذكرناه .

القسم الثالث : أن يتماثلوا في الطلب ، ولا يخلد أحدهما إلى الهرب ، فيكون على الوجهين المذكورين .

أحدهما : وهو قول البغداديين ، يكون لوثا مع أضداده دون أصحابه : لاختصاصهم بالعداوة العامة .

والوجه الثاني : وهو قول البصريين أنه يكون لوثا في الفريقين جميعا من أصحابه وأضداده : لاحتمال الخطأ أو عداوة خاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية