الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

ولو شهد شاهدان : أن أحد هذين الرجلين قتل هذا القتيل ، لم تكن هذه بينة بالقتل ، لعدم التعين فيها على القاتل ، وكانت لوثا يوجب القسامة ، للولي أن يقسم على أيهما شاء ، وليس له أن يقسم عليهما : لأن الشهادة خصت أحدهما . ولو شهد الشاهدان : أن هذا الرجل قتل أحد هذين القتيلين لم تكن في شهادتهما بينة ولا لوثا ، ولا قسامة فيه .

والفرق بينهما : أن لوث القسامة ما تعين فيه المقتول وجهل فيه القاتل : لأن [ ص: 13 ] مستحق القسامة معين ، ولا يكون لوث القسامة ما تعين فيه القاتل وجهل فيه المقتول : لأن مستحق القسامة فيه غير معين ، فصحت القسامة في المسألة الأولى لتعيين مستحقها ، وبطلت في الثانية للجهل بمستحقها ، وهكذا الحكم لو شهد فيهما شاهد واحد كان لوثا في الأولى دون الثانية : لأن الشاهد الواحد لوث في القسامة كالشاهدين . ويحتمل وجها آخر : أنه لا يكون لوثا مع الشاهد الواحد ، وإن كان لوثا مع الشاهدين : لأن الشاهد الواحد قد جمع بين ضعيفين : نقصان العدد ، وعدم التعيين ، وانفراد الشاهدين بأحد الضعيفين ، فقوي اللوث معهما وضعف مع الواحد ، فجازت القسامة مع قوة اللوث ، ولم تجز مع ضعفه . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية