الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو جرح وهو عبد فعتق ثم مات حرا ، وجبت فيه القسامة لورثته الأحرار ، ولسيدة المعتق بقدر ما يملك في جراحه " .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا قطعت يد العبد مع لوث ، ثم أعتق ، ومات من الجناية حرا ، ففيه دية حر ، وللسيد أقل الأمرين من نصف قيمته عبدا : لأن في اليد نصف القيمة ، أو جميع ديته حرا : لأنها قد سرت إلى نفسه بعد حريته .

فإن كانت الدية أقل الأمرين استحقها السيد وحده ، وكان هو المقسم دون الورثة ، وإن كانت نصف القيمة أقل الأمرين استحقها السيد ، وكان باقي الدية لورثة العبد ، فيشترك السيد والورثة في القسامة : لاشتراكهم في الدية ، ولا تجزئ قسامة [ ص: 22 ] أحدهما دون الآخر : لأن أحدا لا يملك بيمين غيره شيئا ، فإن كان السيد هو المقسم ، لم يحكم له بحقه من الدية ، إلا بعد خمسين يمينا . فإن قيل : فكيف يقسم وهو يأخذ دية طرف ، ولا قسامة في الأطراف ؟ قيل : قد صار الطرف بالسراية نفسا ، فصار مشاركا في دية النفس ، وإن تقدر حقه بأرش الطرف فلذلك جاز أن يقسم . فإن أجاب الوارث إلى القسامة ، ففي قدر ما يقسم به من الأيمان قولان :

أحدهما : خمسون يمينا .

والثاني : يقسم بقدر حقه من الدية ، فإن كان له نصفها حلف خمسة وعشرين يمينا ، وإن كان له ثلثها حلف سبعة عشر يمينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية