[ ص: 39 ] باب  
عدد الأيمان  
مسألة : قال  
الشافعي   رضي الله عنه : " يحلف وارث القتيل على قدر مواريثهم ذكرا كان أو أنثى ، زوجا أو زوجة " .  
قال  
الماوردي      : أما  
تغليظ الأيمان في القسامة بالعدد  لضعف السبب الموجب لها ، وهو اللوث ، فقويت الدعوى لضعف سببها بتغليظ الأيمان فيها .  
وأما تقدير الأيمان فيها بخمسين يمينا فلسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الواردة بها ، وقوله للأنصار : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=924571تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم ! قالوا : لا . قال : فيبرئكم  يهود   بخمسين يمينا     " . وإذا تغلظت بهذا العدد لم يقسم بها من أهل المقتول إلا الورثة منهم : لأن اليمين موضوعة لاستحقاق الدية فلم يحلف بها إلا مستحقها وهم الورثة . وورثة الدية : هم ورثة الأموال من العصبات وذوي الفروض من الرجال والنساء ، والأزواج والزوجات . وقد خالف بعض الفقهاء في ورثة الدية خلافا ذكرناه في كتاب الفرائض .  
ولا فرق عند  
الشافعي   وأكثر الفقهاء ، بين  
ميراث الدية  وميراث المال ، وإن كل من ورث المال ورث الدية والقود ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الوارث من أن يكون واحدا أو عددا ، فإن كان واحدا حلف خمسين يمينا ، وإن كانوا عددا ففيما يقسم به كل واحد منهم ، قولان ذكرناهما من قبل :  
أحدهما : يقسم كل واحد خمسين يمينا : لأن العدد في القسامة كاليمين الواحدة في غير القسامة ، فلما تساووا في غير القسامة وجب أن يتساووا في القسامة . فعلى هذا : يحلف كل واحد من ذكورهم وإناثهم ، ومن قل سهمه وكثر خمسين يمينا .  
والقول الثاني : وهو الأصح ، أن الأيمان تقسط بينهم على قدر مواريثهم بجبر كسرها : ليحلف جميعهم خمسين يمينا ؛ لأن أيمانهم في القسامة حجة لهم ، كالبينة ، فجاز أن يشتركوا فيها كاشتراكهم في البينة . فعلى هذا : إن لم تكن فرائض الورثة عائلة قسمت على فرائضهم ، فإن كانوا ابنين وبنتا ، حلف كل واحد من الابنين عشرين يمينا ، وحلفت البنت عشرة أيمان . وعلى قياس هذا فيما اختلفت فرائضهم فيه ، فإن كانت      
[ ص: 40 ] فريضة مواريثهم عائلة كزوج ، وأم ، وأختين لأب وأم ، وأختين لأم ؛ فللزوج النصف ، وللأم السدس ، وللأختين من الأب والأم الثلثان ، وللأختين من الأم الثلث . أصلها من ستة وتعول بثلثيها إلى عشرة .
فقد اختلف أصحابنا في  
قسمة أيمان القسامة  بينهم على أصل الفريضة أو على عولها على وجهين :  
أحدهما : أن تقسم بينهم على أصل الفريضة من ستة أسهم ، فيحلف الزوج نصف الخمسين وهو خمسة وعشرون يمينا : لأن فرضه النصف . وتحلف الأم سدس الخمسين وهو تسعة أيمان بعد جبر الكسر : لأن فرضها السدس . وتحلف كل واحدة من الأختين للأب والأم ثلث الخمسين ؛ وهو سبعة عشر يمينا بعد جبر الكسر : لأن فرضها الثلث . وتحلف كل واحدة من الأختين لأم سدس الخمسين ؛ وهو تسعة أيمان بعد جبر الكسر : لأن فرضها السدس .  
والوجه الثاني : وهو الأصح ، أنها تقسم على أصل الفريضة وعولها من عشرة أسهم ، فيحلف الزوج وسهمه ثلاثة أسهم من عشرة ، ثلاثة أعشار الخمسين ؛ وهو خمسة عشر يمينا .  
وتحلف الأم ولها سهم من عشرة عشر الخمسين وهو خمسة أيمان ، وتحلف كل واحدة من الأختين للأب والأم ولها سهمان من عشرة عشري الخمسين وهو عشرة أيمان . وتحلف كل واحدة من الأختين للأم ولها سهم من عشرة عشر الخمسين ؛ وهو خمسة أيمان ، ثم على هذا القياس .