مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن ادعى وليه على أهل المحلة لم يحلف إلا من أثبتوه بعينه ، وإن كانوا ألفا فيحلفون يمينا يمينا : لأنهم يزيدون على خمسين
[ ص: 57 ] فإن لم يبق منهم إلا واحد حلف خمسين يمينا وبرئ . فإن نكلوا حلف ولاة الدم خمسين يمينا ، واستحقوا الدية في أموالهم إن كان عمدا وعلى عواقلهم في ثلاث سنين إن كان خطأ . ( قال ) : وفي ديات العمد على قدر حصصهم " .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام في شروط القسامة .
فأما
دعوى الدماء في غير القسامة فمعتبرة بشرطين : أحدهما : أن تكون على معين ، فإن لم يعين القاتل وادعى قتله على قوم من أهل المحلة لم يسمع .
والشرط الثاني : أن تعين على عدد يمكن اشتراكهم في القتل ، فإن عين على عدد لا يمكن اشتراكهم لم يسمع ، فإذا عينها على من يمكن اشتراكهم فيه حلفوا وبرئوا .
وقال
أبو حنيفة : لا اعتبار بهذه الشروط ، ويجوز أن يدعي قتله على غير معينين وعلى من لا يمكن اشتراكهم فيه ،
فإذا ادعى قتله على قوم من أهل محلة أو قرية اختار منهم خمسين رجلا وأحلفهم ، فإذا حلفوا أوجب الدية على عواقلهم ، فخالف أصول الشرع في خمسة أحكام :
أحدها : سماع الدعوى على غير معين .
والثاني : سماعها على من لا يصح منهم الاشتراك فيه .
والثالث : أن جعل للمدعي اختيار خمسين ممن شاء منهم ، وإن علم أنهم غير قتلة .
والرابع : إحلافهم وإن علم صدقهم .
والخامس : إلزامهم الدية بعد أيمانهم ، وكفى بمخالفة الأصول فيها دفعا لقوله . وقد ذكرنا من الدليل على فساد كل أصل منها ما أقنع .