الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فأما إذا انقضت الحرب فلا يحبس أسيرهم "

قال الماوردي : قد ذكرنا أن انقضاء الحرب تكون بأحد ثلاثة أضرب :

أحدها : بالرجوع إلى الطاعة والدخول في البيعة ، فيطلق أسراهم كما خليت سبيلهم : لأنه المقصود منهم . والضرب الثاني : أن تنقضي بالاستسلام وإلقاء السلاح ، فلا يجوز بعد استسلامهم ودخولهم تحت القدرة أن يقتلوا ، وتجري عليهم أحكام من اعتقد رأيهم موادعا ، فيخلى سبيلهم وسبيل أسراهم .

فإن اختلطوا بأهل العدل : كانوا على حكمهم .

وإن تميزوا بدار ، قلد الإمام عليهم واليا ليستوفي منهم الحقوق ، ويقيم عليهم الحدود ، وكانت دارهم دار عدل ، وإن كانوا على رأي أهل البغي ، اعتبارا بنفوذ الأمر عليهم .

والضرب الثالث : أن تنقضي الحرب بهزيمتهم .

فمذهب الشافعي : أنهم لا يتبعون ، سواء كانت لهم فئة ينضمون إليها أو لم تكن

وأبو حنيفة يرى إتباعهم ، إن كانت لهم فئة ينضمون إليها . وقد دللنا عليه . [ ص: 123 ] فأما أسراهم : فإن لم يكن للمنهزمين دار وفئة ينضمون إليها ، أطلق أسراهم ، وإن كانت لهم دار وفئة ففي إطلاق أسراهم وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : ومقتضى التعليل الأول في حبسهم ، أنهم يستبقون في حبسهم ولا يطلقون إلا أن يبايعوا ، ولا تبقى لهم دار وفئة .

والوجه الثاني : وهو مقتضى التعليل الثاني في حبسهم ، أنهم يطلقون لما قد تم من ضعفهم بالهزيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية