الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولا بأس إذا كان حكم الإسلام الظاهر أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين ، وذلك أنه تحل دماؤهم مقبلين ومدبرين " .

قال الماوردي : وهو كما قال : يجوز للإمام أن يستعين بالمشركين على قتال المشركين : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان في بعض حروبه بيهود بني قينقاع ، واستعار من صفوان بن أمية عام الفتح سبعين درعا .

وشهد معه حنينا وهو على شركه ، وسمع أبا سفيان يقول : غلبت هوازن وقتل محمد .

فقال له : بفيك الحجر ، والله لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن .

فإن قيل : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا بريء من كل مسلم مع مشرك .

قيل : إنما برئ من معونة المسلم لمشرك ، ولم يبرأ من معونة المشرك لمسلم .

وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تستضيئوا بنار أهل الشرك . ومعناه : لا ترجعوا إلى آرائهم .

فإذا ثبت جواز الاستعانة بهم على المشركين ، وإن لم يجز الاستعانة بهم على أهل البغي ، فهي معتبرة بثلاثة شروط :

أحدها : أن تكون نياتهم في المسلمين جميلة .

والثاني : أن يعلم من حالهم أنهم إن انضموا إلى المشركين ، لم يضعف المسلمون عن جميعهم .

والثالث : أن يؤمن غدرهم وتخزيلهم .

فإذا استكملت فيهم هذه الشروط استعان بهم . [ ص: 131 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية