الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يرمون بالمنجنيق ولا نار إلا أن تكون ضرورة بأن يحاط بهم فيخافوا الاصطلام ، أو يرمون بالمنجنيق فيسعهم ذلك دفعا عن أنفسهم " .

قال الماوردي : اعلم أن المقصود بقتال أهل البغي كفهم عن البغي ، والمقصود بقتال أهل الحرب قتلهم على الشرك ، فاختلف قتالهما لاختلاف مقصودهما من وجهين :

أحدهما : في صفة الحرب .

والثاني : في حكمها .

فأما اختلافهما في صفة الحرب ، فمن تسعة أوجه :

أحدها : أنه يجوز أن يكبس أهل الحرب في دارهم غرة وبياتا ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي . [ ص: 132 ] والثاني : يجوز أن يحاصر أهل الحرب ويمنعهم الطعام والشراب ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والثالث : يجوز أن يقطع على أهل الحرب نخيلهم وأشجارهم وزروعهم ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والرابع : يجوز أن يفجر على أهل الحرب المياه ليغرقوا ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والخامس : يجوز أن يحرق عليهم منازلهم ، ويلقي عليهم النار ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والسادس : يجوز أن يلقي على أهل الحرب الحيات والحسك ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والسابع : يجوز أن ينصب على أهل الحرب العرادات ويرميهم بالمنجنيقات ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والثامن : يجوز أن يعقر على أهل الحرب خيلهم إذا قاتلوا عليها ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

والتاسع : يجوز أن يقاتل أهل الحرب مقبلين ومدبرين ، ولا يقاتل أهل البغي إلا مقبلين ويكف عنهم مدبرين .

وأما اختلافهما في حكم الحرب فمن ستة أوجه :

أحدها : يجوز أن يقتل أسرى أهل الحرب ، ولا يجوز أن يقتل أسرى أهل البغي .

والثاني : يجوز أن تسبى ذراري أهل الحرب وتغنم أموالهم ، ولا يجوز مثله في أهل البغي .

والثالث : أنه يجوز أن يعهد لأهل الحرب عهدا وهدنة ، ولا يجوز أن يعهد لأهل البغي .

والرابع : يجوز أن يصالح أهل الحرب على مال ، ولا يجوز ذلك مع أهل البغي .

والخامس : يجوز أن يسترق أهل الحرب ، ولا يجوز أن يسترق أهل البغي .

والسادس : يجوز أن يفادي أهل الحرب على مال وأسرى ، ولا تجوز مفاداة أهل البغي . [ ص: 133 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية