الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

فإذا ثبت أنه يجوز أن يكون عدلا إذا اجتنب ما يجتنبه عدول أهل العدل ، لم يمنع من قبول شهادته إلا في حالتين :

أحدهما : أن يرى من خالفه مباح الدم والمال ، فيكون بهذه الاستباحة فاسقا .

والحالة الثانية : أن يعتقد رأي الخطابية ، وهم قوم يرون الشهادة لموافقهم على مخالفهم فيما ادعاه عليه ، فيصدقه ، ثم يشهد له بذلك عند الحاكم .

وبنوه على أصولهم في أن الكذب في القول والإيمان بالله موجب للكفر وإحباط الطاعات .

فشهادة هؤلاء مردودة ، وفي علة ردها وجهان :

أحدهما : الفسق : لأنه اعتقاد يرده الإجماع .

والثاني : التهمة مع ثبوت العدالة : لأنه متهم في مماثلة موافقه ، فصار كشهادة الأب لابنه ، وإن كان على عدالة .

فعلى هذا : ترد شهادته إذا شهد بالحق مطلقا ، وإن شهد على إقرار من عليه الحق ، ففي رد شهادته وجهان : [ ص: 137 ] أحدهما : ترد شهادته في المقيد كردها في المطلق ، إذا قيل : إن العلة في ردها الفسق .

والثاني : - وهو قول أبي إسحاق المروزي - تقبل شهادته ولا ترد ، إذا قيل : إن العلة في ردها التهمة : لأنه يتهم في المطلق أنه لتصديق موافقه ، ولا يتهم في المقيد بالإقرار أن يقول : أقر عندي ولم يقر : لأنه كذب يوجب عندهم الكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية