الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

فإذا تقرر حكم الاستتابة في الوجوب والاستحباب ، فهل يعجل قتله عند الامتناع من التوبة أو يؤجل ثلاثة أيام ؟ فيه قولان :

أحدهما : - وهو اختيار المزني - أنه يعجل قتله ولا يؤجل .

وبه قال أبو حنيفة ، إلا أن يسأل الإنظار ، فيؤجل ثلاثا : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " . ولأنه حد فلم يؤجل فيه كسائر الحدود .

والقول الثاني : يؤجل ثلاثة أيام ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .

وقال سفيان الثوري : ينظر ما كان يرجو التوبة .

ودليل تأجيله ثلاثا : قول عمر رضي الله عنه حين أخبر بقتل المرتد : هلا حبستموه ثلاثا ، اللهم لم أحضر ولم آمر . . . الخبر .

ولأن الله قضى بعذاب قوم ، ثم أنظرهم ثلاثا فقال : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب [ هود : 65 ] . [ ص: 160 ] ولأن المقصود منه استبصاره في الدين ورجوعه إلى الحق ، وذلك مما يحتاج فيه إلى الارتياء والفكر ، فأمهل بما يقدر في الشرع من مدة أقل الكثير ، وأكثر القليل ، وذلك ثلاثة أيام :

فعلى هذا : في تأجيله بهذه الثلاث قولان :

أحدهما : أنها مستحبة ، إن قيل : إن الاستتابة مستحبة .

والثاني : أنها واجبة ، إن قيل : إن الاستتابة واجبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية