الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا قتل ، فماله بعد قضاء دينه وجنايته [ ص: 164 ] ونفقة من تلزمه نفقته فيء لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وكما لا يرث مسلما لا يرثه مسلم " . قال الماوردي : قد مضى الكلام في حكم ماله في حياته .

فأما حكم ماله بعد قتله أو موته مرتدا ، فالكلام فيه مشتمل على فصلين :

أحدهما : فيما يتعلق به من الحقوق .

والثاني : في استحقاق باقيه .

فأما الفصل الأول : في الحقوق المتعلقة به ، فثلاثة :

ديون ، وجنايات ، ونفقات . فأما الديون : فما وجب منها قبل الردة فمستحق ، وما وجب منها بعد الردة ، فإن كان عن تصرف جائز ممضي استحق ، وما كان منها عن تصرف باطل مردود لم يستحق .

وأما الجنايات على النفوس والأموال : فمستحقة ، سواء كانت قبل الردة أو بعدها : لأن المرتد ضامن لما أتلف .

وأما النفقات : فما وجب منها قبل الردة فمستحق إذا كان مما لا يسقط بالتأخير ، كنفقة الزوجات أو نفقات الأقارب ، إذا حكم حاكم بالافتراض عليها . وإن سقطت بالتأخير كان سقوطها مع الردة أحق .

وأما ما وجب منها في زمن الردة :

فإن قيل : ببقاء ماله على ملكه ، وجبت .

وإن قيل : بزوال ملكه عن ماله ، ففي وجوبها وجهان :

أحدهما : لا تجب لعدم محلها كالإعسار بها .

والوجه الثاني : تجب ويزول ملكه عما لا يستحق عليه ، ولا يزول عما يستحق عليه كالموت ، يزول به ملك الميت إلا عما لا يستغنى عنه من كفنه ومئونة دفنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية