الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن قتل مرتدا قبل أن يستتاب ، أو جرحه فأسلم ، ثم مات من الجرح ، فلا قود ولا دية ويعزر القاتل : لأن المتولي لقتله بعد استتابته الحاكم " .

قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة في كتاب الجنايات ، أن المرتد يختص الإمام بقتله دون غيره : لأن قتله حق من حقوق الله تعالى التي تنفرد الأئمة بإقامتها كالحدود .

فإن قتله غير الإمام لم يضمنه القاتل وعزر ؛ لأن الردة قد أباحت دمه ، فصار قتله هدرا كالحربي إذا قتله مسلم لم يضمنه لإباحة دمه ، لكن يعزر قاتل المرتد ، ولا يعزر قاتل الحربي .

والفرق بينهما :

إن قتل المرتد حد يتولاه الإمام فعزر المفتات عليه

وقتل الحربي جهاد يستوي الكافة فيه ، فلم يعزر المنفرد بقتله .

فأما إذا جرح مرتدا ثم أسلم المجروح ، وسرى الجرح إلى نفسه في الإسلام فمات منه : فمذهب الشافعي : أن دمه هدر لا يضمن : لأنها عن جناية في الردة غير مضمونة ، فكان ما حدث بعدها غير مضمون كالقطع في السرقة .

قال الربيع : وفيها قول آخر : أنه ضامن لنصف ديته . [ ص: 168 ] لأنه مرتد في حال الجناية ، ومسلم في حال السراية ، فسقط نصف الدية بردته ، ووجب نصفها بإسلامه .

وهذا القول من تخريج الربيع من نفسه ، وليس بمحكي عن الشافعي ، ولا تقتضيه أصول مذهبه .

فإن كان المرتد هو القاتل فقد مضى في الجنايات .

التالي السابق


الخدمات العلمية