الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن بلغ منهم إن لم يتب قتل " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا بلغ أولاد المرتدين بعد الحكم بإسلامهم فلهم حالتان :

أحدهما : أن يقوموا بعبادات الإسلام من الصلاة والصيام وسائر حقوقه ، فيحكم لهم بالإسلام فيما لهم وعليهم ، ولا يكلفون التوبة : لأنه لم يجر عليهم فيما تقدم حكم الردة ، ولا خرجوا فيما بعده من حكم الإسلام .

والحالة الثانية : أن يمتنعوا بعد البلوغ من عبادات الإسلام ، فيسألوا عن امتناعهم ، فإن اعترفوا بالإسلام وامتنعوا من فعل عباداته ، كانوا على إسلامهم وأخذوا بما تركوه من العبادات بما يؤخذ به غيرهم من المسلمين .

فإن تركوا الصلاة قتلوا بها ، وإن تركوا الزكاة أخذت منهم ، وإن تركوا الصيام أدبوا وحبسوا .

وإن أنكروا الإسلام وجحدوه : صاروا حينئذ مرتدين تجري عليهم أحكام الردة بعد البلوغ ، فيستتابون ، فإن تابوا ، وإلا قتلوا بالردة كآبائهم .

[ ص: 171 ] وحكى ابن سريج قولا آخر : أنهم يقرون على كفرهم كغيرهم من الكفار المقرين على الكفر : لأنهم لم يعترفوا بالإسلام .

وهذا القول سهو من ابن سريج في تخريجه ، إلا أن يكون مذهبا لنفسه ، فيفسد بما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية