الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

ولا فرق على القولين معا بين أن يولدوا في دار الإسلام أو في دار الحرب .

وفرق أبو حنيفة بينهما فقال : إن ولدوا في دار الإسلام لم يجز سبيهم ولا استرقاقهم ، وإن ولدوا في دار الحرب جاز سبيهم واسترقاقهم .

احتجاجا : بقول النبي صلى الله عليه وسلم : منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها . [ ص: 173 ] قال : ولأن الذمي إذا نقض عهده لم يجز أن يسترق في دار الإسلام ، وجاز أن يسترق في دار الحرب ، كذلك ولد المرتد .

ودليلنا في التسوية بين الدارين في حكم الردة : قول النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها .

ولم يفرق فيهم بين الدارين .

ولأن حكم الدار معتبر بأهلها ، فهي تابعة وليست متبوعة .

ولأن من لم يجز استرقاقه إذا ولد في دار الإسلام ، لم يجز استرقاقه إذا ولد في دار الحرب ، كالذي أحد أبويه مسلم . ومن جاز استرقاقه إذا ولد في دار الحرب ، جاز استرقاقه إذا ولد في دار الإسلام ، كولد الحربيين .

فأما الخبر فمحمول على تغليب حكم العموم دون الخصوص .

وأما ناقض الذمة ، فلم نعتبر - نحن ولا هم - فيه حكم الولادة ، وجاز استرقاقه وسبيه في دار الحرب ولم يجز في دار الإسلام : لأن علينا أن نبلغه مأمنه [ إذا نقض عهده ، فلذلك ما افترق حكمه في دار الإسلام ودار الحرب وخالف المرتد : لأنه لا يلزمنا أن نبلغه مأمنه ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية