الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وما جرح أو أفسد في ردته ، أخذ به " .

قال الماوردي : لا يخلو ما أتلفه المرتد على المسلمين في حال ردته من أن يكون منفردا أو في جماعة .

فإن كان منفردا أو في جماعة لا يمتنع بهم : فحكمه حكم المنفرد ، عليه أحكامه ، وضمان ما أتلفه عليهم من نفس ومال : لأن إسلامه قد أوجب عليه التزام أحكامه ، وهو يضمنها قبل الردة ، فلم يسقط عنه ضمانها بالردة ، لأنها زادته تغليظا لا تخفيفا .

وإن كان في جماعة ممتنعة عن الإمام ولم يصل إليهم إلا بالقتال : فما أتلفوه في غير القتال ضمنوه ، وما أتلفوه في القتال ، ففي ضمان أهل البغي له قولان .

فأما أهل الردة فقد اختلف أصحابنا فيهم :

فذهب أبو حامد الإسفراييني وأكثر البغداديين إلى أن في وجوب ضمانهم قولين كأهل البغي :

أحدهما : يضمنون كما يضمن المحاربون في قطع الطريق .

والثاني : لا يضمنون كما لا يضمن المشركون .

وذهب أبو حامد المروزي وأكثر البصريين إلى أنهم يضمنون قولا واحدا ، وإن كان في ضمان أهل البغي قولان ، للفرق بينهما : بأن لأهل البغي إماما تنفذ أحكامه ، وليس لأهل الردة إمام ينفذ له حكم .

[ ص: 183 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية