الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ الشهادة على الزنا ]

وأما الفصل الثالث في الشهادة على ذلك .

أما الزنا واللواط فلا يقبل في الشهادة عليها أقل من أربعة شهود عدول ، سواء كان في رجم أو جلد ، على حر أو عبد : لقول الله تعالى : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم [ النساء : 15 ] ، ولقوله تعالى : لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء [ النور : 13 ] . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة حين سأله ، فقال : يا رسول الله ، إن وجدت مع امرأتي رجلا أقتله أو حتى آتي بأربعة شهداء ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، حتى تأتي بأربعة شهداء ، كفى بالسيف شاهدا يعني شاهدا عليك : ولأن الشهادات تتغلظ بتغليظ المشهود فيه ، فلما كان الزنا واللواط من أغلظ الفواحش المحظورة وآخرها ، كانت الشهادة فيه أغلظ : ليكون أستر للمحارم ، وأنفى للمعرة ، ولا يجوز أن تسمع فيه شهادة النساء .

وقال الحسن البصري : تسمع فيه شهادة ثلاثة رجال وامرأتين . ويجيء على قياس مذهبه أن تسمع فيه شهادة رجلين وأربع نسوة . وليس كذلك يصح : لأن شهادة النساء رخصة فيما خف وهو الأموال ، فلم يجز أن تسمع في مواضع التغليظ .

فأما الشهادة في إتيان البهائم ، فإن جعلناه موجبا للحد لم يسمع في الشهادة عليه أقل من أربعة عدول ، وإن جعلناه موجبا للتعزير دون الحد ، ففيه وفي الشهادة على من أتى امرأة دون الفرج وجهان :

أحدهما : - وهو الظاهر من مذهب الشافعي - لا يسمع فيها أقل من أربعة شهود : لأنه من جنس تغلظت فيه الشهادة .

والوجه الثاني : وهو قول المزني ، وأبي علي بن خيران : أنه يسمع فيها شاهدان : لخروجه عن حكم الزنا في الحد ، فخرج عن حكمه في الشهادة .

وقال أبو حنيفة : يسمع في اللواط وإتيان البهائم ووطء المرأة في غير القبل شاهدان : بناء على أصله .

التالي السابق


الخدمات العلمية