الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

وإذا ظهر بغير ذات الزوج حمل ، ولم يشهد عليها بالزنا ولا أقرت به لم تحد ، وقال مالك : تحد بالحمل : لأنه من وطء ، وظاهره : إذا كانت خلية ، أنه من زنا فحدت بالظاهر . وهذا خطأ : لما روي أن عمر رضي الله عنه أتي بامرأة حامل غير ذات زوج ، فسألها عنه فقالت : لم أحس حتى ركبني رجل فقذف في مثل الشهاب . فقال عمر : دعوها فإنها شابة . ولأن الحمل قد يجوز أن يكون من وطء شبهة ، ويجوز أن يكون من إكراه ، ويجوز أن يكون من زنا ، فلم يجز أن يحكم فيه بالأغلظ مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : ادرءوا الحدود بالشبهات . [ ص: 228 ] وإذا كان كذلك لم تسأل عن الحمل قبل الوضع ، ولا إن وضعته ميتا : لأنه لا يتعلق بسؤالها حكم سوى الحد ، ولا يجوز أن تسأل عما يوجب حد الزنى عليها : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه .

وإن وضعت ولدا حيا سئلت عنه حينئذ : لما يتعلق به من حق الولد في ثبوت نسبه ، فإن أقرت به من زنا حدت بإقرارها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية