الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

فإذا تقرر ما وصفنا من حكم الشهادة على الزنا إذا لم يجب بها حد الزنا ، وفي وجوب حد القذف على الشهود أو سقوطه عنهم على الترتيب الذي قدمناه .

فإن قلنا : إنه لا حد عليهم ، كانوا على عدالتهم في سماع شهادتهم وقبول خبرهم .

وإن قلنا : إن الحد واجب عليهم ، لم تسمع شهادتهم : لأنه لا يحد للقذف إلا قاذف ، والقاذف لا تسمع شهادته حتى يتوب ، وبذلك قال عمر رضي الله عنه لأبي بكرة : " تب أقبل شهادتك " . فأما قبول أخبارهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه وجهان : [ ص: 236 ] أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني أن أخبارهم مقبولة : لأن المسلمين قبلوا روايات أبي بكرة ، ومن حد معه ولم يقبلوا شهادتهم .

والوجه الثاني : وهو أقيس أنه لا تقبل أخبارهم كما لا تقبل شهادتهم : لأن ما جرح في تعديل الشهادة المتعلقة بالحقوق كان أولى أن يجرح في تعديل الرواية المتعلقة بالدين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية