الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل :

وأما الفصل الثالث فيما يجوز للسيد أن يقيم به الحدود : فهو إقرار عنده بما يوجب الحد فيحده بإقراره ، وأما بسماع البينة عليه عند إنكاره ، ففي جواز حده بها وجهان :

أحدهما : لا يجوز أن يحده بها : لأمرين :

أحدهما : أن سماع البينات مختص بأولى الولايات .

والثاني : أنه محتاج إلى اجتهاد في الجرح والتعديل : لأنه ربما توجه إلى السيد فيه تهمة فاختص بمن ينتفي عنه التهمة من الولاة .

والوجه الثاني : أنه يجوز أن يحده بالبينة : لأمرين :

أحدهما : أن من ملك حده بالإقرار ملك بالبينة كالحكام .

والثاني : أن السيد أبعد من التهمة في عبده لحفظ ملكه من الحكام ، فكان بذلك أحق . فأما إذا أراد أن يحده بعلمه ، فقد اختلف قول الشافعي هل للحاكم أن يحكم بعلمه في حقوق الآدميين أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : ليس له ذلك . فعلى هذا : في حقوق الله تعالى أولى أن لا يحكم فيها بعلمه : لأنها تدرأ بالشبهات .

القول الثاني : يجوز أن يحكم بعلمه في حقوق الآدميين .

فعلى هذا : هل يجوز أن يحكم بعلمه في حقوق الله عز وجل من الحدود أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يجوز اعتبارا بحقوق الآدميين .

والوجه الثاني : لا يجوز : لأنها حدود تدرأ بالشبهات .

وأما السيد في حق عبده بعلمه ، فإن منع منه الحاكم كان السيد أولى أن يمنع منه ، وإن جوز للحاكم كان في جوازه للسيد وجهان ، من اختلاف الوجهين في جواز حده بالبينة ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية