مسألة : قال  
الشافعي      : " فإن  
قال : يا ابن الزانيين . وكان أبواه حرين مسلمين ميتين  فعليه حدان " .  
قال  
الماوردي      : وأصل هذه المسألة أن حد القذف من حقوق الآدميين المحضة عندنا .  
وقال  
أبو حنيفة      : هي من حقوق الله المحضة ، وتأثير هذا الخلاف حكمان :  
أحدهما : أنه يسقط بالعفو عند  
الشافعي   ، ولا يسقط به عند  
أبي حنيفة      .  
والثاني : أنه يورث بالموت عند  
الشافعي   ولا يورث عند  
أبي حنيفة      .  
وقد دللنا على أنه من حقوق الآدميين في كتاب اللعان فأغنى عن إعادته .  
ولو  
قذف ميتة  استحق ولدها حد قاذفها عند  
الشافعي   وأبي حنيفة      . فوافق  
أبو حنيفة   إذا قذفها بعد موتها ، وخالف إذا  
قذفها في حياتها ثم ماتت  ، ووفاقه حجة عليه في موضع خلافه .  
وفرق  
أبو حنيفة   بينهما من وجهين :  
أحدهما : أن الميت لا يثبت له حق بعد موته ، فصار الحد حقا لولدها دونها فلم يكن موروثا عنها . وهذا فاسد : لأنه يراعي في وجوب الحد إحصان الأم دون الولد ، ولو كان له لراعينا إحصانه دون الأم ، ولا يمتنع أن يجب لها بعد موتها حد القذف ، كما وجب عليها بعد موتها غرم ما تلف بجنايتها من حفر بئر ووضع حجر .  
والثاني : أن حال الأم يقدح في نسب الابن ، فوجب له ابتداء من غير إرث . وهذا خطأ من وجهين :  
أحدهما : أنه لو قذف أبوه بالزنا بغير أمه ، أو قذفت أمه بالزنا بعد ولادته وكبره لم يكن هذا قادحا في نسبه ويملك الحد فيها ، فبطل التعليل بقدح النسب .  
والثاني : أنه لو وجب الحد بهذه العلة لاستحقه في حياة أمه ، وهو لا يستحقه ، فبطل الاعتلال به ، ولم يبق لاستحقاقه علة إلا الميراث .