الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وإن سرق الخامسة عزر وحبس " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يتجاوز بالسارق قطع أطرافه الأربعة في أربع سرقات ، فإن سرق في الخامسة عزر ولم يقتل ، وهو قول جمهور الفقهاء . وحكي عن عثمان بن عفان وعطاء وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعمر بن عبد العزيز : أنه يقتل في الخامسة : لرواية جابر بن عبد الله قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسارق فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق فأمر به فقتل .

ودليلنا : ما قدمناه من رواية أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سرق السارق فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ، فإن عاد فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله وهذا قول قصد به صلى الله عليه وسلم البيان ، ولو وجب قتله في الخامسة لأبانه كما أبان قطعه في الأربع : لأنه لا يجوز أن يمسك عن بعض البيان ، كما لا يجوز أن يمسك عن جميعه ، وهو أولى من حديث جابر : لأنها قضية في عين يجوز أن تحتمل وجوها .

وقد روى الزهري : أن القتل منسوخ : لأنه رفع إليه في الخامسة فلم يقتله ، وعلى أن الصحابة بعده أجمعوا على ترك القتل ، فدل على تقدم نسخه ، وإن لم ينقلوه ، ولأن كل معصية أوجبت حدا لم يكن تكرارها موجبا للقتل كالزنا والقذف .

التالي السابق


الخدمات العلمية