فصل :  
فإذا ثبت وجوب الختان في الرجال والنساء ،  
فهو من الرجال يسمى إعذارا      [ ص: 433 ] وفي النساء يسمى خفضا  ، ويسمى غير المعذور من الرجال أغلف وأقلف .  
وإعذار الرجل : هو قطع القلفة التي تغشى الحشفة  ، والسنة أن تستوعب من أصلها ،  
وأقل ما يجزي فيه  ألا يتغير بها شيء من الحشفة .  
وأما  
خفض المرأة : فهو قطع جلدة تكون في الفرج ، فوق مدخل الذكر ومخرج البول  على أصل كالنواة ، تؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها ، روى  
ثابت   ، عن  
أنس   ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  
يا   nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية  إذا خفضت فأشمي ، ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه ، وأحظى عند الزواج     .  
وقوله : " أشمي " أي : لا تبالغي .  
وفي قوله : " أسرى للوجه ، وأحظى عند الزواج " تأويلان :  
أحدهما : أصفى للون .  
والثاني : ما يحصل لها في نفس الزوج من الحظوة بها .  
وللختان وقتان : وقت استحباب ، ووقت وجوب     . فأما وقت الاستحباب : فما قبل البلوغ .  
والاختتان : أن يختتن في اليوم السابع     :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=924803لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن اختتان المولود في اليوم السابع ، وفيه يعق عنه ، وختن  الحسن   والحسين   عليهما السلام في اليوم السابع     .  
واختلف أصحابنا ، هل يحتسب فيها يوم الولادة أم لا ؟ على وجهين :  
أحدهما : وهو قول  
أبي علي بن أبي هريرة   يحتسب يوم الولادة ، ويختتن في السابع منه .  
والوجه الثاني : وهو قول الأكثرين لا يحتسب به ، ويختتن في السابع بعد يوم الولادة .  
وهكذا روي ختان  
الحسن   والحسين   ، أنه كان في اليوم السابع بعد يوم الولادة ، فإن اختتن قبل السابع كرهناه ، وإن أجزأ لضعف المولود عن احتماله ، سواء في ذلك الغلام أو الجارية .  
فإن أخر عن اليوم السابع المستحب بعده أن يختتن في الأربعين يوما : لأن فيه أثرا . فإن أخر عنه فالمستحب بعده أن يختتن في السنة السابعة : لأنه الوقت الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة ، ويميز بين أبويه . فإن لم يختتن حتى بلغ ، صار وقت الختان فرضا ، يتعين عليه فعله في نفسه ، ويؤخذ به جبرا في أول أوقات إمكانه .      
[ ص: 434 ] ولا يؤخر عما ذكرناه من وقت الاستحباب أو وقت الإيجاب ، إلا لعذر في الزمان من شدة حر أو برد ، أو لعذر في بدنه من شدة مرض يخاف على نفسه إن ختن ، فيؤخر إلى زوال العذر . فلو كان نضو الخلق وعلم من حاله أنه إن ختن تلف ، سقط فرض الختان عنه : لأنه لا تعبد فيما أفضى إلى التلف : لقول الله تعالى :  
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها     [ البقرة : 286 ] ، ولا يجوز أن يتولى ختان المولود إلا من كان ذا ولاية عليه بأبوة ، أو وصية ، أو حكم ، فإن ختنه من لا ولاية عليه ، فأفضى إلى تلفه ضمن نفسه . وإن ختنه ذو ولاية عليه كالأب أو الوصي أو السلطان فتلف نظر ، فإن لم يكن ذلك في زمان عذر ، لم يضمن نفسه : لأنه تلف من فعل واجب .  
وإن كان في زمان عذر من مرض أو شدة حر أو برد ، قال  
الشافعي      : ضمن نفسه . وقال في المحدود في حر أو برد أو مرض : إنه إذا مات لم يضمنه .  
اختلف أصحابنا فيه على طريقتين :  
إحداهما : الجمع بين الجوابين في الموضعين ، ونخرجهما على قولين :  
أحدهما : يضمن في المحدود والمختون على ما نص عليه في المختون للتقدير بالزمان .  
والقول الثاني : لا ضمان في المختون والمحدود على ما نص عليه في المحدود .  
والطريقة الثانية : أن الجواب على ظاهر نصه في الموضعين ، فيضمن المختون ولا يضمن المحدود ، والفرق بينهما من وجهين :  
أحدهما : أن الختان أخوف : لما فيه من قطع عضو وإراقة دم .  
والثاني : أن  
وقت الختان متسع ، ووقت الحد يضيق     .  
فإذا وجب الضمان ، ففي قدر ما يضمنه وجهان :  
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب  
الشافعي   يضمن جميع الدية : لأنها جناية منه .  
والوجه الثاني : حكاه  
أبو حامد الإسفراييني      : يضمن نصف الدية : لحدوث التلف عن واجب ومحظور ، فإن ضمن ذلك غير السلطان كان على عاقلته ، وإن ضمن السلطان فعلى قولين :  
أحدهما : على عاقلته .  
والثاني : في بيت المال ، وتلزمه الكفارة سواء ضمن جميع الدية أو نصفها : لأنه ضمن تلف نفس وإن تبعضت فيه الدية ، والله أعلم .