الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولا يبلغ في الحد أن ينهر الدم : لأنه سبب التلف ، وإنما يراد بالحد النكال أو الكفارة " .

قال الماوردي : وهذا صحيح : لأمرين :

أحدهما : أن في العدول به عن الحديد إلى السوط تنبيها على المنع من أثر الحديد .

والثاني : أن المقصود بضربه ألمه الذي يرتدع به ، فلم يجز أن يزيد على ألمه بإنهار دمه المفضي إلى تلفه ، فإن أنهر دمه بالضرب فلم يتلف فلا ضمان عليه ، وإن أنهر دمه فتلف فذلك ضربان :

أحدهما : أن لا يضربه بعد إنهار دمه لاستكمال حده قبل إنهاره ، فلا ضمان عليه : لأن إنهار دمه قد يكون من رقة لحمه ، وقد يكون من شدة ضربه ، فلم يتعين منهما ما يوجب الضمان .

والضرب الثاني : أن يضربه بعد إنهار دمه استكمالا لحده ، فإن ضربه في غير موضع إنهاره لم يضمن : لأن موالاة الحد مستحقة .

وإن ضربه في موضع إنهاره ، ففي ضمانه وجهان :

أحدهما : يضمن : لأن إنهاره من غير واجب .

ثانيهما : يضمن : لتعديه بإعادة الضرب فيه ، فعلى هذا : في قدر ضمانه وجهان :

أحدهما : جميع الدية .

والثاني : نصفها ، على ما مضى في ضمان المختون .

التالي السابق


الخدمات العلمية