فصل : فإذا  
مر المسافر في طريقه ببلد له فيها دار ، أو مال ، أو ذو قرابة  جاز له القصر فيه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر في حجة الوداع مدة مقامه  
بمكة   ، ومعه أكثر أصحابه ، ولهم  
بمكة   دور ، ومال ، وقرابة ، فإن  
دخل بلدا ، أو نوى إن لقي فلانا أن يقيم فيه شهرا  ، فإن لقيه قبل أربعة صار مقيما ووجب عليه إتمام الصلاة لأن سفره قد انتهى بلقائه ، فلم يجز له القصر بعد انتهاء سفره ، وإن لم يلقه ولا رآه كان له أن يقصرها تمام أربعة ، ثم يتم فيما بعد .  
ولو  
سافر في ضالة له ، أو عبد آبق ليرجع أين وجده ، فبلغ غاية تقصر في مثلها الصلاة  لم يكن له أن يقصر لأنه لم ينو في سفره بلوغ هذه الغاية ، وإنما علقه بوجود الضالة ، وجعل موضع وجودها غاية سفره ، وقد يجوز أن يجدها مع الساعات ، فصار كمن سافر إلى مكان لا يقصر في مثله الصلاة ، فإذا وجد ضالته وأراد الرجوع إلى بلده جاز له القصر إذا أخذ في الرجوع ، وكانت المسافة يقصر في مثلها الصلاة ، ولكن لو كان حين  
سافر في طلب ضالته ، ورد آبقه نوى القصر إلى بلد تقصر إلى مثله الصلاة  كان له القصر ، فإن وجد ضالته في الطريق وعزم على الرجوع كان كالمسافر إذا بدا له في طريقه من إتمام سفره .  
فلو  
كان سائرا في البحر فمنعته الريح من الخطوف ، والسير حتى رست السفينة مكانها  ، أو أقامت انتظار السكون للريح وإمكان السير ، فهذا في حكم التاجر إذا أقام لبيع متاعه ، أو إنجازه أمره ، فله أن يقصر تمام أربعة أيام كوامل ، وفيما بعد الأربع على الأقاويل الثلاثة .  
وإن استقامت لهم الريح فسارت السفينة على مكانها جاز له القصر عند ابتداء سيرها ، فإن رجعت الريح فركدت إلى موضعها الأول قصر تمام أربعة أيام ، ثم فيما بعد على الأقاويل الثلاثة : لأنه لا فرق بين أن تحبسها الريح في الموضع الأول أو في غيره نص  
الشافعي   على ذلك في " الأم " .