مسألة : قال  
الشافعي   رحمه الله تعالى : " وإن  
نسي صلاة في سفر ، فذكرها في حضر  فعليه أن يصليها صلاة حضر ، لأن علة القصر هي النية ، والسفر ، فإذا ذهبت العلة ذهب القصر ، وإذا  
نسي صلاة حضر فذكرها في سفر  فعليه أن يصليها أربعا : لأن أصل الفرض أربع ، فلا يجزئه أقل منها ، وإنما أرخص له في القصر ما دام وقت الصلاة قائما وهو مسافر ، فإذا زال وقتها ذهبت الرخصة " .  
قال  
الماوردي      : وهو كما قال .  
وهذا الفصل يشمل أربع مسائل :  
أحدها : أن  
ينسى صلاة ، ثم يذكرها في حضر  ففيها قولان :  
أحدهما : قوله في القديم : يقصرها إن شاء .  
وبه قال  
مالك   ،  
وأبو حنيفة   لقوله صلى الله عليه وسلم : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=921398ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا     " ، ولأنها صلاة تؤدى وتقصر فوجب أن يكون قضاؤها مثل أدائها ، أصله إذا نسيها في الحضر وذكرها في السفر فإنه يقضيها تامة : لأنها وجبت عليه تامة .  
ولأن القضاء بدل ، والأبدال في الأصول مثل مبدلاتها ، أو أخف .  
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد ونص عليه في " الأم " ، و " الإملاء " : عليه إتمامها      
[ ص: 379 ] والجمع في السفر أربعة ، وبه قال  
الأوزاعي   ، لأنها صلاة مردودة إلى ركعتين ، فوجب أن يكون الوقت من شرط صحتها كالجمعة ، ولأن العذر المغير للفرض يقتضي أن يكون حكمه مع وجوده كالمرض ، ولأنه مقيم ، فوجب أن لا يجوز له أن يصلي صلاة مسافر . أصله إذا نوى الإقامة في وقت الصلاة ، ولأن المسافر إنما جوز له القصر تخفيفا عليه لما يلحقه من المشقة في التمام ، فإذا صار مقيما فقد زالت المشقة ، فوجب أن يزول التخفيف كالمضطر لما جوز له أكل الميتة لأجل الضرورة حرم عليه أكلها عند زوال الضرورة كـ " المتيمم " ، ولأن السفر يبيح قصر الصلاة إلى شطرها كما يبيح بالتيمم قصر الطهارة إلى شطرها . فلما لم يستبح تيمم السفر بعد انقضاء السفر لم يستبح قضاء السفر بعد انقضاء السفر .  
والمسألة الثانية : أن  
تفوته في سفر ، ثم يذكرها بعد خروج وقتها في السفر  ، ففيها قولان :  
أحدهما : وهو قوله في القديم ، والإملاء : له قصرها إن شاء وهو أصح ، لأنه لا يخلو أن يكون الاعتبار إما بحال الوجوب أو بحال الأداء ، وأيهما كان جاز له القصر لأنه مسافر في الحالين معا ، ولأنها صلاة تؤدى ، وتقصر ، فوجب أن يكون قضاؤها مثل أدائها ، أصله ما ذكرنا .  
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد عليه إتمامها أربعا : لأنها صلاة تفعل في غير وقتها قضاء ، فوجب أن لا يجوز له قصرها ، أصله إذا نسيها في الحضر ، ثم ذكرها في السفر ، ولا يدخل عليه الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما ، لأن وقت الجمع وقت لهما معا ، فلذلك جاز قصرها ، ولأنها صلاة مردودة إلى ركعتين ، فوجب أن يكون الوقت من شرط صحتها كالجمعة .  
والمسألة الثالثة : أن  
ينسى صلاة في حضر ثم يذكرها في حضر  فلا خلاف أن عليه إتمامها ، وإن سافر فيما بعد ، لأنه إن كان الاعتبار بحال الوجوب فهو فيه حاضر ، وإن كان بحال الأداء فهو فيه حاضر ، ولا اعتبار بحالة حادثة فيما بعد .  
والمسألة الرابعة : أن  
ينسى صلاة في حضر ، ثم يذكرها بعد خروج وقتها في السفر  ، فعليه إتمامها أربعا لا يختلف فيه مذهب  
الشافعي   ، وسائر أصحابه ، وكان بعضهم يغلط فيجيز له قصرها اعتبارا بحال الأداء . وهذا خطأ ، لأن الصلاة قد استقر عليها ، فرضها أربعا بخروج الوقت فلم يجز له قصرها وقت القضاء ، كما أن من نسي ظهر الخميس لم يجز له أن يقضيها بصلاة الجمعة .