الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت هذا لم يخل حال الأبوين من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكونا مسلمين فعليه أن يستأذنهما ولهما في الإذن ثلاثة أحوال :

أحدهما : أن يأذنا له معا فله الجهاد ، فإن رجعا عن الإذن رد عليهما ما لم يلتق الزحفان .

والحال الثانية : أن يمتنعا من الإذن فيمنع من الجهاد فإن أذنا بعد المنع سقط حكم المنع .

والحال الثالثة : أن يأذن له أحدهما ويمنعه الآخر فيغلب حكم المنع على الإذن [ ص: 124 ] سواء كان المانع أبا أو أما لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا توله والدة على ولدها .

والقسم الثاني : أن يكونا كافرين فلا يلزمه أن يستأذنهما ، فإن أسلما بعد كفرهما لزمه استئذانهما إن قدر عليه ما لم يلتق الزحفان ، وهكذا لو كان الأبوان منافقين لم يلزمه استئذانهما ، فإن تابا من النفاق استأذنهما قبل التقاء الزحفين .

والقسم الثالث : أن يكون أحدهما مسلما والآخر مشركا أو منافقا فيلزمه استئذان المسلم منهما دون المشرك والمنافق .

فإن قيل : فهلا كان شرك الأبوين كشرك صاحب الدين ، في أن يلزم استئذان الأبوين مع شركهما كما يلزم استئذان صاحب الدين ، أو لا يلزم استئذان صاحب الدين إذا كان مشركا كما لا يلزم استئذان الأبوين .

قيل : الفرق بينهما أن الاستئذان في الدين لحفظه على مستحقه : فاستوى فيه المسلم والمشرك ، واستئذان الأبوين لأجل التدين ، فافترق فيه المسلم والمشرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية