الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن على المسافر خلف المقيم أن يتم فليس يخلو حال المسافر إذا أتم برجل من أحد أربعة أقسام :

[ ص: 383 ] [ الأول ] إما أن يعلم أنه مقيم .

[ والثاني ] أو يغلب على ظنه أنه مقيم .

الثالث : أو يعلم أنه مسافر . الرابع : أو يغلب على ظنه أنه مسافر .

فإن علمه مقيما كان عليه التمام لما ذكرنا .

وإن غلب على ظنه أنه مقيم كأن رآه مسافرا ، أو عليه لباس الحضر فالظاهر من حاله أنه مقيم ، وإن جاز أن يكون مسافرا فعليه أن يتم ، ولا يجوز له القصر سواء كان الإمام مقيما ، أو مسافرا بقصر ، لأنه لما كان ظاهر أمره الإقامة انعقد إحرامه بنية التمام ، والصلاة إذا انعقدت تامة لم يجز قصرها .

وإن علمه مسافرا ، أو غلب على ظنه أنه مسافر بأن رآه حاضرا ، وعليه ثياب السفر ، فالظاهر من حاله أنه مسافر ، وإن جاز أن يكون مقيما ، فيجوز في هاتين الحالتين أن ينوي السفر ، أو القصر قطعا ، أو يقول : إن قصر إمامي قصرت ، فإذا نوى أحد هذين ، ثم وجد إمامه متما فعليه أن يتم ، وإن وجده قد قصر جاز له أن يقصر ، لأنه لما كان ظاهر حال الإمام في هذين الحالين أنه مسافر كان داخلا على جواز القصر بالاستدلال ، والظاهر ، ومن دخل على جواز القصر بالاستدلال والظاهر جاز له القصر كما لو دخل بالعلم ، لأن الوصول إلى معرفة حاله من غير ذلك متعذر ، ومن هذا الوجه وقع الفرق بين هذا وبين أن يغلب على ظنه أنه مقيم فيلزمه التمام ، وإن بان مسافرا لأنه لم يدخل على جواز القصر بالاستدلال والظاهر ، ألا ترى أنه لو أخبره برؤية الهلال في ليلة الشك امرأة ، أو عبد فنوى صيامه ، ثم صح أنه من رمضان أجزأه لدخوله فيه باستدلال ، ولو صامه بغير استدلال لم يجزه .

التالي السابق


الخدمات العلمية