فصل : [ مسألة الكتاب ] .  
فإذا تقرر ما وصفنا من حال الأئمة فصورة مسألة الكتاب في  
مسافر صلى خلف مسافر ، ثم أحدث الإمام قبل تمام الصلاة  ، فلا تخلو حاله من ثلاثة أحوال :  
إما أن يكون مقيما بالعلم ، أو يغلبه الظن ، وإما أن يكون مجهول الحال فليس يغلب على الظن إقامته من سفره ، فإن كان هذا الإمام مقيما ، أو مجهول الحال ، فعلى المأموم أن يتم الصلاة أربعا ، وإن كان الإمام مسافرا ، فإن علم المأموم أن الإمام نوى التمام وجب عليه أن يتم ، وإن علم أنه نوى القصر جاز له أن يقصر ، وطريق العلم بحاله أن يخبره إما قبل إحرامه ، أو بعد حدثه ، وإن  
لم يعلم بحاله هل نوى القصر أو التمام  ؟ فمذهب  
الشافعي   ، ومنصوصه : أن عليه أن يتم وليس له أن يقصر . وبه قال عامة الأصحاب ، وقال  
أبو العباس بن سريج      : يجوز له أن يقصر لأن الظاهر من حال إمامه المسافر أنه قد نوى القصر ، فجاز أن يستدل بظاهر حاله ويقصر .  
قال  
أبو العباس      : ولو كان المحدث هو المأموم ، ولم يعلم حال إمامه وجب عليه أن يتم .   
[ ص: 384 ] قال : والفرق بين أن يحدث المأموم فيلزمه التمام وبين أن يحدث الإمام فلا يلزمه التمام ، أن الإمام فعل فعلا يستدل به على إتمامه من قصره ، وهو ما يظهر من حاله عند ملامه ، فإذا أحدث المأموم ، وهو شاك في إمامه لزمه التمام لوجود ما يكون الاستدلال به ، وإذا أحدث الإمام لم يكن الاستدلال بفعله لعدم العلم به ، وكان الاستدلال بظاهر حاله ، وهو السفر ، فجاز له أن يقصر ، وهذا الذي قاله خطأ ، والتمام على المأموم واجب في كلا المسألتين : لأنه قد يجوز أن يكون نوى الإتمام فلا يجزئه القصر ، ويلزمه الإتمام ، وبالشك لا يستبيح القصر فوجب أن يلزمه الإتمام كمن  
شك هل نوى القصر أم لا  ؟ .