الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وكان ذلك كله فيئا بعد السلب للقاتل في الأنفال ، قال ذلك الإمام أو لم يقله ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفل أبا قتادة يوم حنين سلب قتيله ، وما نفله إياه إلا بعد تقضي الحرب ، ونفل محمد بن مسلمة سلب مرحب يوم خيبر ، ونفل يوم بدر عددا ، ويوم أحد رجلا أو رجلين أسلاب قتلاهم ، وما علمته - صلى الله عليه وسلم - حضر محضرا قط فقتل رجل قتيلا في الأقتال إلا نفله سلبه ، وقد فعل ذلك بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر رضي الله عنهما " .

قال الماوردي : يريد الشافعي بهذا ما غنم من أهل أموال الفريقين من أهل الكتاب وعبدة الأوثان يكون بعد تخميسه للغانمين ، وسماه فيئا ، وإن كان باسم الغنيمة أخص لرجوعه إلى أولياء الله .

فيبدأ الإمام من الغنائم بأسلاب القتلى فيدفع سلب كل قتيل إلى قاتله ، سواء شرطه الإمام أم لم يشرطه .

وقال مالك وأبو حنيفة : إن شرطه الإمام كان لهم وإن لم يشرطه كانوا فيه أسوة الغانمين احتجاجا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ليس لأحد إلا ما طابت به نفس إمامه . ودليلنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : من قتل قتيلا له عليه بينة ، فله سلبه . وروى عمرو بن مالك الأشجعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل وروي أنه وجد في بعض غزواته قتيلا فسأل عن قاتله فقالوا : سلمة بن الأكوع . فقال : له سلبه أجمع . وقد مضت هذه المسألة مستوفاة في كتاب قسمة الفيء والغنيمة .

[ ص: 156 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية